تحاول نعمة رياض، الأرملة المصرية في العقد الخامس من العمر، التكيف مع درجات الحرارة العالية التي تجتاح البلاد مؤخراً، وسط نقص إمدادات الغاز الطبيعي اللازمة لمحطات الكهرباء، لكن دون فائدة، فالانقطاعات المتكررة لأكثر من 3 مرات يومياً في وحدتها السكنية بإحدى المناطق الشعبية شمال القاهرة تحرمها النوم بانتظام، ويصعب عليها ممارسة عملها بشكل طبيعي في اليوم التالي للإنفاق على صغارها.
تسود مصر منذ منتصف الأسبوع الماضي أزمة كهرباء هي الأولى من نوعها منذ 2014، لكن الحكومة وعدت المواطنين بحل الأزمة هذا الأسبوع عبر توفير الاحتياجات اللازمة من المواد البترولية لشبكات الكهرباء ورفع ضغط الغاز.
رياض التي تعتاش من بيع بعض مواد البقالة البسيطة أمام منزلها، تقول: "لا أعلم شيئاً عن ضعف ضغط الغاز الذي تتكلم عنه الحكومة، لا أريد غير انتظام الكهرباء حتى نستطيع النوم أنا وأولادي.. كل فترة كانوا يذكروننا بأيام انقطاع الكهرباء وبأننا انتهينا من تلك المرحلة، للأسف عدنا لها من جديد".
طلبات الكهرباء
تحتاج وزارة الكهرباء يومياً لنحو 135 مليون متر مكعب من الغاز، و 10 آلاف طن من المازوت، حتى تنتهي الانقطاعات المتكررة ويتم تخفيف الأحمال الكهربائية في كافة أنحاء مصر، بحسب مسؤول حكومي لـ"اقتصاد الشرق". مؤكداً أنه "إذا توفرت هذه الكميات ستغلق مصر صفحة انقطاعات الكهرباء نهائياً".
المسؤول، الذي اشترط عدم نشر اسمه، أضاف أن "الإمدادات التي تحصل عليها الكهرباء من وزارة البترول حالياً تكفي لتشغيل أحمال كهربائية حتى 32 ألف ميغاواط، بينما الاستهلاك يتجاوز 35 ألف ميغاواط، ما يضطر مسؤولي الكهرباء لقطع التيار بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات" موضحاً أنه "صحيح لدينا فائض في الكهرباء يتجاوز 20 ألف ميغاواط لكنه يحتاج إلى وقود".
كان وزير البترول طارق الملا قال الأسبوع الماضي إن حرارة الطقس تؤدي لاستهلاك جميع الغاز المنتج محلياً، وكشفت "بلومبرغ" أن مصر لم تصدر شحنة واحدة الشهر الماضي، ولم ترسل سوى شحنة واحدة حتى الآن في يوليو، ولم يستبعد محللون دوليون وجود مشكلات في الإنتاج بحقل "ظُهر" الضخم في البحر المتوسط بسبب تسرب المياه.
تعمل مصر للتحول إلى مركز رئيسي للطاقة في المنطقة من خلال تسييل الغاز وإعادة تصديره. ويبلغ إجمالي الإنتاج الحالي للبلاد ما بين 6.5 و6.8 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي يومياً.
لا تواجه مصر وحدها تلك الأزمة، بل تواجه أوروبا، لا سيما دول جنوب القارة، موجة حر شديدة تجاوزت معها درجات الحرارة حاجز 40 درجة مئوية، وسط توقعات بأن تشهد اليونان التي تعاني من حرائق الغابات الصيف الأكثر سخونة على الإطلاق. كما تعيش إيطاليا ثالث موجة حر خلال الصيف الجاري، بينما يُتوقّع أن ترتفع درجات الحرارة بشدة في إسبانيا، اليوم الأحد.