خافيير بلاس: خطة "أوبك+" لـعام 2023 تستجلب مخاطر تضخم جديدة

الإبقاء على مستويات إنتاج الخام الحالية دون تغيير ربما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الطاقة على الاقتصاد العالمي

time reading iconدقائق القراءة - 17
رافعات ضخ النفط في حقل نفطي بالقرب من مدينة ألميتيفسك ، تتارستان ، روسيا.  - المصدر: بلومبرغ
رافعات ضخ النفط في حقل نفطي بالقرب من مدينة ألميتيفسك ، تتارستان ، روسيا. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لدى تحالف "أوبك+" خطة لعام 2023، وهي تنطوي -حتى الآن على الأقل- على إبقاء الأمور دون تغيير. فأثناء حديثي مع العديد من المسؤولين خلال رحلتي إلى الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، كانت العبارات التي سمعتها في أغلب الأحيان هي "نحافظ على وضعنا"، متبوعة بـ"ننتظر ونرى".

يشعر التحالف، بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا، بأنه محقّ في اتباع هذا النهج الحذر. ففي أكتوبر، وقبل أسابيع من انتخابات التجديد النصفي الأميركية، خفّض التحالف إنتاج النفط، وهو القرار الذي ردّت عليه واشنطن بهجوم سياسي. لكن، رغم قرار خفض الإنتاج، هبط سعر مزيج "برنت" -الخام القياسي العالمي للنفط- من 95 دولاراً للبرميل إلى 75 دولاراً للبرميل خلال الربع الأخير من العام الماضي، وذلك بسبب ضعف الطلب الصيني وصادرات النفط القوية من روسيا وإيران الخاضعتين للعقوبات.

ماذا لو أخطأت الحسابات؟

بالنسبة إلى مسؤولي "أوبك+"، فإن انخفاض السعر بمقدار 20%، يؤكد صحة الموقف الحذر للتحالف، وبالتالي، هناك تفكير بأنه إذا أثمرت هذه الاستراتيجية الحكيمة العام الماضي، فمن المفترض أن تنجح مرة أخرى في 2023.

من المغري التفكير بأن ما أثبت نجاحه في عام 2022، سينجح مرة أخرى في العام الجاري، إلا أن هذا التوجه لـ"أوبك+" ينطوي على مجازفة: إذا أخطأ التحالف في حسابات العرض والطلب الخاصة به، يعني ذلك أنه يخاطر ببلوغ أسعار طاقة أعلى في عالم لا يزال يكافح التضخم المرتفع.

تعافت أسعار خام "برنت" بالفعل من أدنى مستوياتها في ديسمبر، إذ ارتفعت إلى ما يزيد قليلاً على 85 دولاراً للبرميل، بعدما أعلنت روسيا الأسبوع الماضي أنها ستخفّض إنتاجها النفطي بمقدار 5%، أو حوالي 500 ألف برميل يومياً، رداً على العقوبات الغربية.

مع ذلك، فإن تحالف "أوبك+" يفضل أن يخطئ في إضافة عدد قليل جداً من البراميل إلى تقديرات حجم الإمدادات عوضاً عن إضافة الكثير، على الأقل خلال النصف الأول من العام، وعلى الأرجح في عام 2023 بأكمله. وكخطوة فورية، قرّر التحالف عدم تعويض الخفض الروسي.

إيرادات النفط.. أولوية

يشير مسؤولون من الشرق الأوسط إلى أن هناك الكثير من السوابق التي تصرّفت فيها دول من "أوبك+" بشكل منفرد: خفّضت المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت الإنتاج بشكل أحادي في يونيو 2020، وخفّضت الرياض إنتاجها بشكل منفرد مرة أخرى في فبراير 2021. ولذلك، يقول حلفاء روسيا في مجال النفط إن لديها حقاً مماثلاً في أن تتصرف أحادياً. ويشار في هذا الإطار إلى أن العقوبات النفطية الغربية ترفضها كل الدول الأعضاء في "أوبك+".

إذا كانت نتيجة النهج الحذر هي ارتفاع أسعار النفط أكثر في وقت لاحق من العام الجاري، وربما إلى مستويات تتراوح بين 90 و100 دولار للبرميل، فسيكون التحالف على ما يبدو سعيداً بها.

الأولوية هنا، وخصوصاً لدى المملكة العربية السعودية، هي حماية إيرادات النفط، وهذا يعني أن مصلحة المملكة تأتي في المقام الأول وقبل أي شيء آخر. كذلك، فإن تأثير الاستراتيجية الحذرة يطال ما هو أبعد من سوق النفط. فإذا تخلّف التحالف عن مواكبة منحنى الطلب، فقد يعني ذلك ارتفاع أسعار الطاقة أكثر مما كان متوقعاً، وإرباك البنوك المركزية المنهمكة بمكافحة التضخم. وهذا بدوره قد يعني معدلات فائدة أعلى يمتد تأثيرها إلى كل شيء، بدءاً من السندات إلى الأسهم، وصولاً إلى العقارات.

عودة الصين وتحسن الاقتصاد العالمي

هل سيُبقي تحالف "أوبك+" على مستويات إنتاجه الحالية طوال العام؟ في الوقت الحالي، من السهل على المسؤولين القول إنهم سيُبقون على مستويات الإنتاج الحالية لأشهر مقبلة. لم يثر بلوغ خام برنت مستوى 85 دولاراً للبرميل أي شكاوى من الدول المستهلكة، لكن الضغط على التحالف سيتصاعد إذا ارتفعت أسعار النفط فوق 90 دولاراً للبرميل. وإذا زاد سعره 10% أخرى فوق ذلك ليقترب من 100 دولار، فإن ذلك سيدق ناقوس الخطر في الولايات المتحدة وأوروبا.

وراء الأبواب المغلقة، يقرّ مسؤولو "أوبك+" بأن الاقتصاد العالمي في حالة أفضل مما كان عليه قبل أربعة أشهر، عندما خفّضوا الإنتاج نظراً للانخفاض المتوقع في الطلب. يتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن ينمو الاقتصاد العالمي بمعدّل 2.9% في العام الجاري، مقارنة بـ2.7% في توقعاته السابقة في أكتوبر. كذلك، يبدو أن التضخم قد بلغ ذروته، وأصبحت البنوك المركزية أكثر ثقة في أنها ستكون قادرة على تحقيق ما يسمى "الهبوط السلس".

تعيد الصين بدورها فتح اقتصادها بسرعة، وهو ما لم يتوقعه أحد قبل 4 أشهر. استقلّ ما يقرب من 1.1 مليون شخص مترو أنفاق بكين الأسبوع الماضي، وهو أعلى رقم مسجّل في أكثر من عام. ويقول مسؤولون، إن شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط بدأت تشهد ارتفاعاً في الطلب من الصين أيضاً.

مع ذلك، ما يزال الكثيرون قلقين بشأن المزيد من الانتكاسات، مشيرين إلى أنه منذ انتشار وباء كوفيد للمرة الأولى، تعرّضت الصين لدورات عدة من الإغلاق بسبب الوباء، تبعتها فترات تخفيف القيود، ثم مزيد من الإغلاق.

بدأت أسعار شحنات النفط أيضاً تظهر بوادر انتعاش. فعلى سبيل المثال، رفعت شركة "أرامكو السعودية"، عملاقة النفط المملوكة للدولة، في أوائل فبراير الجاري، أسعار البيع الرسمية لآسيا للمرة الأولى منذ 6 أشهر.

يشير مدى انحدار منحنى أسعار النفط أيضاً إلى صعود السوق، حيث تتداول عقود النفط الأقرب أجلاً الآن بعلاوة على العقود ذات آجال التسليم الأبعد مقارنةً بأربعة أشهر مضت. عند حوالي 60 سنتاً للبرميل، يكون فرق الأسعار بين عقود خام برنت لأقرب ثاني وثالث تسليم عند أوسع نطاق منذ ثلاثة أشهر.

نهج حذر

لكن مسؤولي "أوبك+" غير مقتنعين بعد بأن الوضع يبعث على الارتياح التام، إذ يقولون إنه حتى بعد تخفيضات الإنتاج الروسية، من المرجح أن ترتفع مخزونات النفط خلال الأشهر القليلة المقبلة قبل أن ينعكس هذا الاتجاه في النصف الثاني من العام.

وفقاً لحسابات "أوبك" الحالية، ستنخفض مخزونات النفط العالمية بشكل حاد فقط في الربع الرابع، عندما يرتفع الطلب على نفط "أوبك" إلى 30.4 مليون برميل يومياً مقارنة بإنتاج المنظمة اليومي البالغ حالياً 28.9 مليون برميل.

هذا أحد الأسباب التي تجعلهم يرغبون في رؤية انتعاش مستدام في الصين، على مدى أشهر. كما إنهم سيرحبون بالدلائل التي تشير إلى أن البنوك المركزية تبطئ، أو حتى توقف، رفع أسعار الفائدة.

من المقرر عقد الاجتماع الوزاري المقبل لـ"أوبك+" في أوائل يونيو. هل ستكون لدى التحالف بيانات كافية بحلول ذلك الوقت لزيادة الإنتاج إذا استمرت أسعار النفط في الارتفاع؟ ما سمعته في الشرق الأوسط كان "لا" قاطعة.

في الوقت الحالي، يود مسؤولو النفط في المنطقة الانتظار حتى الربع الثالث على الأقل قبل أي تحرك، وهذا بدوره يعني أن أي نفط إضافي لن يصل إلاّ بحلول نهاية العام. ويستبعد بعض المسؤولين أي زيادات في الإنتاج على الإطلاق خلال عام 2023.

إن مسؤولي "أوبك+" محقون في القول إنهم قرؤوا السوق بشكل صحيح في أكتوبر. لكن الأداء السابق لا يضمن عوائد مستقبلية. وبالتالي، فإن التحالف يخاطر بتخلّفه عن مواكبة المنحنى في عام 2023.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان
Javier Blas

Javier Blas

Energy and commodities columnist at Bloomberg.
للإتصال بكاتب هذا المقال:@JavierBlas

فيينا

12 دقائق

6°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى /
14.8 كم/س
78%