تعهد الإمارات باستثمار 51 مليار دولار في تركيا.. لماذا لم يتحول لصفقات؟

الاتفاق تمّ في يوليو 2023 بعد فوز أردوغان بولاية جديدة.. وصفقة واحدة فقط تمت منذ ذلك الحين

time reading iconدقائق القراءة - 5
مجمعات سكنية وناطحات سحاب في \"مركز إسطنبول المالي\"، إسطنبول، تركيا - المصدر: بلومبرغ
مجمعات سكنية وناطحات سحاب في "مركز إسطنبول المالي"، إسطنبول، تركيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تواجه الإمارات تحديات في تنفيذ تعهدها باستثمار 51 مليار دولار في تركيا بعد مرور عامين على الإعلان عنه. السبب يعود إلى انتعاش الاقتصاد التركي، الذي عزز موقف الشركات المحلية في المحافظة على تقييماتها، ما أدى إلى صعوبة إتمام الصفقات.

أحدث مثال على تلك التحديات تمثل في إخفاق "مجموعة موانئ أبوظبي"، المدعومة من الصندوق السيادي "القابضة" (ADQ) في أبوظبي، في استكمال صفقة للحصول على حقوق تشغيل ميناء في غرب تركيا.

بالإضافة إلى ذلك، انهارت صفقات أخرى، منها عرض للاستحواذ على أحد أكبر البنوك التركية، وإصدار ديون بقيمة 8.5 مليار دولار.

لماذا تعثرت الصفقات التركية الإماراتية؟

كانت الخلافات حول التقييم العقبة الرئيسية أمام الصفقات الإماراتية التركية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، حيث واجه المستثمرون الخليجيون، الذين يسعون غالباً لشراء الأصول المتعثرة بخصم، صعوبةً في التوصل إلى اتفاق مع البائعين الأتراك، بسبب ترددهم في بيع أصولهم مقابل تقييمات منخفضة السعر، حسبما أوضح الأشخاص الذين رفضوا الكشف عن هوياتهم نظراً لسرية المعلومات.

التعهد الذي تم الإعلان عنه في يوليو 2023، بعد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية جديدة، كان من المتوقع أن يساعد في استقرار الاقتصاد المتعثر وتمويل جهود إعادة الإعمار بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد. 

 "استراتيجية الاستثمار الإماراتية مرتبطة بمواعيد نهائية أكثر صرامة وعوائد أعلى.. اندثر عصر الاستثمارات غير المشروطة".

سرحات سوها كوبوكو أوغلو، الباحث الأول في "تريندز ريسيرش آند أدفيزوري"

لكن منذ ذلك الحين، نجح صُناع السياسات التركية في تجنب حدوث أزمة باحتياطيات النقد الأجنبي، ووضعوا الاقتصاد على مسار مستقر من خلال تبني سياسات نقدية تقليدية. هذا التحول جعل الأموال الإماراتية أقل أهمية بالنسبة لأنقرة.

هالوك بورومشيكتشي، المحلل الاقتصادي لدى "بورومسيكجي" (Burumcekci) للأبحاث والاستشارات ومقرها في إسطنبول، نوّه بأن "البنوك والشركات التركية تمكنت من الاقتراض بسهولة من الخارج، كما أن البنك المركزي عزز احتياطياته منذ ذلك الحين".

أوقفت تركيا صفقة إصدار صكوك بقيمة 8.5 مليار دولار العام الماضي، حيث اعتبرت أنقرة أن العائد الذي طلبته الإمارات غير مناسب.

 كما انهارت محادثات "بنك أبوظبي الأول" للاستحواذ على حصة مسيطرة في "يابي كريدي بنك" التركي، وكذلك توقفت مفاوضات شركة "مصدر" الإماراتية للاستثمار مع شركة "فيبا ينيلينيبيلير إنرجي" (Fiba Yenilenebilir Enerji) بسبب خلافات بشأن التقييمات. 

ولم تتمكن مجموعة "ملتيبلاي" و"غذاء القابضة"، وهما وحدتان تتبعان الشركة العالمية القابضة الإماراتية، من إتمام صفقات للاستحواذ على شركة تركية لإدارة النفايات وشركة طيران شحن. ولا تزال صفقات أخرى بارزة، مثل مشروع بناء خط سكة حديد فوق مضيق البوسفور في إسطنبول والاستثمارات في شركات الدفاع التركية، قيد الانتظار.

الصفقة الوحيدة التي تم تنفيذها حتى الآن هي استحواذ شركة "القابضة ADQ" على "أوديا بنك" (Odeabank) التابع لـ"بنك عودة" في تركیا. 

تركيا متفائلة بالشراكة مع الإمارات

رغم ذلك، تبقى تركيا متفائلةً بشأن الشراكة الاقتصادية. قال بوراك داغلي أوغلو، رئيس مكتب الاستثمار التابع للرئاسة التركية، خلال فعالية في أبوظبي مؤخراً، إنه يتوقع نمو تدفقات الاستثمار الثنائي بشكل أكبر، مدعوماً باتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين.

كما أن العديد من الكيانات التي تسعى للاستحواذ على أصول تركية، بما في ذلك "القابضة" (ADQ)، وهي جزء من الإمبراطورية التجارية الواسعة للشيخ طحنون بن زايد آل نهيان في أبوظبي. ورغم أن هذه الشركات معروفة بنشاطها القوي في إبرام الصفقات، إلا أنها تشتهر أيضاً بأنها تسعى للحصول على أفضل الشروط الممكنة في الصفقة. 

لكن سرحات سوها كوبوكو أوغلو، الباحث الأول في "تراند ريسرتش أند أدفيزوري" (Trends Research and Advisory)، يعتبر أن استراتيجية الاستثمار الإماراتية مرتبطة بمواعيد نهائية أكثر صرامة وعوائد أعلى، مما يعكس نهج "الخليج أولاً" الذي يعطي الأولوية للاستثمارات التي تحقق عوائد كبيرة. مؤكداً: "لقد اندثر عصر الاستثمارات غير المشروطة". 

الإمارات تتوسع في مصر وأوروبا

مع ذلك، استمرت الإمارات في استخدام أموالها من النفط لتعزيز نفوذها. في العام الماضي، كشفت شركة "القابضة" (ADQ) الإماراتية عن خطط لاستثمار 35 مليار دولار في مصر، وهو أكبر استثمار أجنبي مباشر في تاريخ الدولة الواقعة بشمال أفريقيا. 

ومؤخراً، وعدت الحكومة الإماراتية باستثمار 52 مليار دولار في فرنسا و40 مليار دولار في إيطاليا. كما تساعد إحدى الشركات التي يشرف عليها الشيخ طحنون في تمويل مشروع الذكاء الاصطناعي بقيمة 100 مليار دولار الذي كشف عنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

تصنيفات

قصص قد تهمك