تأجيل رسوم ترمب يدفع مؤشر "إس آند بي 500" لتقليص الخسائر

الأسواق تترقب تصريحات البيت الأبيض حول إمكانية إعادة التفاوض على التعريفات

time reading iconدقائق القراءة - 8
صالة التداول داخل بورصة نيويورك، الولايات المتحدة - بلومبرغ
صالة التداول داخل بورصة نيويورك، الولايات المتحدة - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تمكن مؤشر "إس آند بي 500" من تقليص معظم خسائره خلال تداولات الإثنين، مدعوماً بتجدد آمال المستثمرين جراء تأجيل فرض التعريفات الجمركية الأميركية.

شهدت الأسواق تقلبات حادة في ظل المخاوف المستمرة بشأن تأثير التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، لا سيما كندا والمكسيك. إلا أن الأنباء عن محادثات محتملة لتخفيف القيود التجارية ساهمت في تهدئة المخاوف، وعودة بعض المستثمرين إلى السوق.

في الوقت نفسه، واصل الدولار الأميركي استقراره أمام العملات الرئيسية، بينما شهدت عوائد سندات الخزانة الأميركية بعض التراجع، مما يشير إلى تزايد التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يتدخل لدعم الاقتصاد إذا لزم الأمر.

لا تزال الأسواق في انتظار تطورات جديدة بشأن السياسات التجارية الأميركية، وسط ترقب لمزيد من التصريحات من البيت الأبيض حول إمكانية إعادة التفاوض على التعريفات الجمركية.

قالت فيكتوريا غرين من شركة "جي سكويرد" لإدارة الثروات الخاصة: "الوضع يتغير باستمرار ويتطور"، وأضافت: "في الوقت الحالي، نظريتنا الأساسية هي أن معظم هذه التعريفات مؤقتة، ومن المرجح أن يتم تخفيفها من خلال التنازلات من الدول. نحن نتابع التطورات عن كثب، ونراقب كيف يمكن أن تؤثر على الأرباح، والدولار الأميركي، والتضخم".

يؤكد تأجيل فرض التعريفات الجمركية الرأي القائل بأن ترمب يستخدمها كأداة تفاوضية، لكنه لا يزال متردداً في التسبب بألم اقتصادي للأميركيين.

ومع ذلك، فإن إعلانه لحالة الطوارئ وفرض التعريفات الجمركية على كندا والمكسيك والصين، يمثل أكبر إجراء حمائي يتخذه رئيس أميركي منذ ما يقرب من قرن.

قدرة الاقتصاد الأميركي

يتمثل التساؤل الرئيسي في مدى قدرة الاقتصاد الأميركي على تحمل تداعيات حرب تجارية محتملة. وظهر هذا القلق في سوق السندات، حيث ارتفعت عوائد السندات قصيرة الأجل في حين تراجعت العوائد طويلة الأجل.

قال يونغ-يو ما من "بي إم أو لإدارة الثروات": "بينما نعتقد أن التعريفات الجمركية هي في الأساس أداة تفاوضية للرئيس ترمب، فمن الصعب تحديد ما إذا كانت ستظل مؤقتة أو إذا كان هناك سيناريو يتم فيه التوصل إلى اتفاق يقلل من التعريفات". وأضاف: "يجب التحلي بالصبر واغتنام الفرص؛ قد يكون هناك وقت مناسب لاتخاذ خطوات جريئة، لكنه لم يحن بعد".

انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.8%، في حين شهدت أسهم شركات السيارات وأشباه الموصلات والصناعات الثقيلة بعض التعافي من أدنى مستوياتها خلال الجلسة، لكنها بقيت من بين الأكثر تضرراً.

ارتفع الطلب على القطاعات الدفاعية، مما يعكس سعي المستثمرين إلى الملاذات الآمنة.
تراجع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.8%، وانخفض مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 0.3%.
وانخفض مؤشر "العظماء السبعة" (أبل، ألفابت، إنفيديا، أمازون، ميتا، مايكروسوفت، تسلا) للأسهم التقنية الكبرى بنسبة 1.7%، في حين تراجع مؤشر "راسل 2000" للشركات الصغيرة بنسبة 1.3%.

ترسخ حالة عدم اليقين

تراجعت سلة أسهم الشركات المعرضة لخطر التعريفات الجمركية من مجموعة "يو بي إس" بنسبة 3.1%. وارتفع مؤشر التقلب في وول ستريت (VIX) إلى أكثر من 18 نقطة.

لم تتغير عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات كثيراً، واستقرت عند 4.53%. مؤشر "بلومبرغ" لقوة الدولار ارتفع بنسبة 0.1%. وارتفع البيزو المكسيكي بنسبة 1.8%، بينما صعد الدولار الكندي بنسبة 0.9%.

"وجهة نظرنا هي أنه نظراً لانتشار حالة عدم اليقين، فلن نجري أي تعديلات جذرية"، وفقاً لما قال جيف روبن من شركة "بيرينيي أسوشيتس"، وأضاف: "لكننا سنكون مترددين في ضخ أموال جديدة في السوق حتى تتضح الصورة".

بالنسبة إلى ديفيد ليفكويتز من "يو بي إس" لإدارة الثروات العالمية، فإن إعلانات التعريفات الجمركية قد تؤدي بالفعل إلى تقلبات، "لكن في السيناريو الأساسي لدينا، لا نعتقد أن إدارة ترمب ستتخذ إجراءات تؤثر بشكل كبير على آفاق النمو الاقتصادي أو أرباح الشركات".

وقال كيث ليرنر ومايكل سكورديلز من "تروست" للخدمات الاستشارية: "في هذه المرحلة، نشك في أن تكون التعريفات الجمركية على كندا والمكسيك طويلة الأمد، إذا تم تنفيذها بالأساس"، وأضافا: "ومع ذلك، حتى تتضح الرؤية بشأن مدة أو حجم التعريفات، فإن هذه الإجراءات تضيف حالة من عدم اليقين إلى سلاسل التوريد والتسعير للعديد من الشركات -الكبيرة والصغيرة- عبر أميركا الشمالية".

في "جيه بي مورغان" لإدارة الأصول، يرى ديفيد كيلي أن المستثمرين لديهم كل الأسباب للقلق بشأن حرب تجارية، حيث إن لها "القدرة على خلق تأثير ركود تضخمي، مما يزيد من التضخم وأسعار الفائدة مع التأثير السلبي على النمو والأرباح".

الأسهم الأكثر عرضة للخطر

وقال كيلي: "إذا تحقق هذا السيناريو، فمن المرجح أن تكون الأسهم الأميركية ذات التقييمات المرتفعة هي الأكثر عرضة للخطر، بينما يمكن أن توفر الأصول غير الأميركية والأصول الحقيقية توازناً للمحافظ الاستثمارية"، وتابع: "أهم شيء، هو أن يضمن المستثمرون تنويع محافظهم بشكل جيد ومتوازن لمواجهة الرياح التجارية العاتية وغير المؤكدة".

قال خوسيه توريس من "إنتر أكتيف بروكرز": "التوافق التجاري هو ما يحتاجه الاقتصاد الأميركي لتجنب الاضطرابات وتوسيع مسار النمو غير التضخمي"، مضيفاً: "التصعيد في الخطاب التجاري والخلافات حول التجارة العالمية سيؤثر على الإيرادات والتكاليف وهوامش الربح، مما يجعل من الصعب على الشركات الأميركية تحقيق نمو في الأرباح".

هناك خطر حدوث انخفاض بنسبة 5% في الأسهم الأميركية خلال الأشهر المقبلة، حيث تؤثر أحدث جولة من التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترمب على توقعات الأرباح، وفقاً لمحللي "غولدمان ساكس" بقيادة ديفيد كوستين.

قال كوستين إنه في حال استمرار هذه التعريفات، فإنها قد تخفض توقعاته لأرباح مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة تتراوح بين 2% و3%، من دون احتساب التأثيرات الناجمة عن تشديد الأوضاع المالية أو التغيرات في سلوك المستهلكين والشركات. كما حذر من أن القيمة العادلة للمؤشر قد تنخفض بنحو 5% على المدى القريب بسبب التأثير على كل من الأرباح وتقييمات الأسهم.

يشير محللو "آر بي سي كابيتال ماركتس" بقيادة لوري كالفاسينا إلى أن فرض تعريفات جمركية على المكسيك وكندا والصين يزيد من خطر تعرض مؤشر "إس آند بي 500" لتراجع بنسبة تتراوح بين 5% و10% هذا العام.

اختبار حقيقي

أما مايكل ويلسون، المحلل الاستراتيجي في "مورغان ستانلي"، فقد أوضح أن أسواق الأسهم تعاملت حتى الآن بهدوء مع احتمال استمرار هذه التعريفات، لكن هذا التصور "سيخضع لاختبار حقيقي كلما طال أمد هذه التعريفات".

وواصلت صناديق التحوط بيع الأسهم الأميركية للأسبوع الخامس على التوالي، وفقاً لبيانات "غولدمان ساكس"، مع تصاعد المخاوف بشأن تهديد الذكاء الاصطناعي القادم من شركة "ديب سيك" (DeepSeek) الصينية، ووعود ترمب بفرض تعريفات جمركية صارمة على أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.

تُظهر البيانات أن صناديق التحوط كثّفت عمليات البيع على المكشوف للأسهم الفردية، بينما زادت من المراكز الطويلة في المنتجات الكلية.

على النقيض من ذلك، يبدو أن المستثمرين الأفراد يراهنون على أن الرئيس لن يخاطر بالتأثير الاقتصادي والسوقي الذي قد تسببه التعريفات الجمركية، حيث ضخوا 2.1 مليار دولار في الأسهم الأميركية يوم الجمعة، وفقاً لتحليل إيما وو، الخبيرة الاستراتيجية في "جيه بي مورغان".

ولم يتجاوز تدفق الأموال حاجز الملياري دولار سوى تسع مرات في السنوات الثلاث الماضية، حيث حدثت خمس من هذه الحالات بالفعل في عام 2025.

تصنيفات

قصص قد تهمك