بلومبرغ
تراجعت مؤشرات الأسهم الأميركية بعد ارتفاع ساهم في وضع السوق على مسار أفضل عام لها منذ عام 2019، في وقت ينتظر المتداولون بيانات التضخم الرئيسية، التي ستساعد في تشكيل توقعات مسار الاحتياطي الفيدرالي.
انخفض مؤشر "إس آند بي 500" من مستويات فنية شبه مفرطة الشراء، بعد سلسلة من أعلى مستوياته على الإطلاق. هبطت أسهم شركة "إنفيديا" مع فتح الصين تحقيقاً بشأن شكوك في أن شركة صناعة الرقائق الأميركية العملاقة انتهكت قوانين مكافحة الاحتكار، حول صفقة عام 2020.
وفي الوقت نفسه، شهدت الأسهم الصينية المدرجة في الولايات المتحدة ارتفاعاً حاداً، بعدما استخدم كبار القادة في بكين لغة مباشرة في الحديث عن توفير التيسير النقدي وتعزيز الاستهلاك المحلي.
ستوفر البيانات بما في ذلك مؤشر أسعار المستهلك يوم الأربعاء، لمسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي نظرة أخيرة على بيئة التسعير قبل اجتماعهم في الأسبوع التالي. أي إشارة إلى توقف التقدم على جبهة التضخم، قد تقوّض فرص خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة.
قال جاي وودز من "فريدوم كابيتال ماركتس" (Freedom Capital Markets) إن بيانات التضخم يوم الأربعاء "قد تكون مفتاح الخطوة التالية لبنك الاحتياطي الفيدرالي. حتى الآن كانت النتائج متوافقة مع توقعات خبراء الاقتصاد، ولم تسبب هلعاً في السوق. ومع ذلك، فإن المفاجأة الصعودية من شأنها أن تثير دهشة بنك الاحتياطي الفيدرالي، وقد تؤجل خفض أسعار الفائدة بشكل مؤقت".
بالنسبة لكريس لاركين من "إي تريد" التابع لـ"مورغان ستانلي"، فإن السيناريو الوحيد الذي يمتنع فيه الفيدرالي عن خفض الفائدة في ديسمبر يتمثل في زيادة كبيرة في مؤشر أسعار المستهلك.
انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.4%، و"ناسداك 100" بنسبة 0.7%، كما نزل "داو جونز" الصناعي بنسبة 0.3%.
ارتفعت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بأربع نقاط أساس إلى 4.19%، في حين تقلب مؤشر "بلومبرغ" للدولار الفوري. كما ارتفعت أسعار النفط بعد أن أشارت الصين إلى تحفيز أكثر جرأة للعام المقبل، بينما يراقب المتداولون أيضاً التطورات في الشرق الأوسط.
تدقيق في البيانات
قال غريغ ماكبرايد من "بنك رايت" (Bankrate) إنه "في ما يتعلق بمؤشر أسعار المستهلك ومقاييس التضخم الأخرى، فإن التقدم توقف في الأشهر الأخيرة". وأضاف: "سيتم فحص هذه البيانات المقبلة عن كثب لمعرفة ما إذا كان هناك دليل على تجدد ضغوط التضخم، أو علامات على مزيد من التحسن"، وتابع: "لقد تباطأ معدل التضخم بشكل كبير من ذروته البالغة 9% في عام 2022، لكنه لا يزال أعلى بكثير من الهدف البالغ 2%".
يشير متوسط التوقعات في استطلاع أجرته بلومبرغ للاقتصاديين، إلى زيادة رابعة متتالية في أسعار المستهلك الأساسية لشهر نوفمبر، بنسبة 0.3% على أساس شهري. ويُعتبر هذا المؤشر المفضل بالنسبة للفيدرالي، نظراً إلى أنه يستبعد الغذاء والطاقة، ما يمنح صورة أفضل للتضخم. على أساس سنوي، قد يكون المؤشر ارتفع بنسبة 3.3% للشهر الثالث.
قال جيسون برايد ومايكل رينولدز من "غلينميد" (Glenmede) إن "وتيرة التضخم تقترب من المستويات المقبولة، مما يسلط الضوء على أهمية البيانات الصادرة هذا الأسبوع". وأضافا: "من المرجح أن يميل بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الأسبوع المقبل، ولكن فقط إذا كان واثقاً بشكل معقول من أن قضايا التضخم لن تظهر مرة أخرى".
سوق العمل خارج الحسابات حالياً
بالنسبة لنيل دوتا من "رينيسانس ماكرو ريسيرش" (Renaissance Macro Research)، فإن أولئك الذين يرون طفرة تضخمية تمنع بنك الاحتياطي الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة، لا يمكنهم استخدام سوق العمل للضغط من أجل كسب التأييد لقضيتهم. وأشار إلى أن "التباطؤ المستمر في سوق العمل يحافظ على التيسير النقدي".
قالت ليزا شاليت من "مورغان ستانلي لإدارة الثروات" إنه بينما أدت بداية التيسير النقدي من بنك الاحتياطي الفيدرالي، وزوال حالة عدم اليقين بشأن الانتخابات، و"التصرفات الغرائزية" إلى دعم السوق وارتفاعها، "فقد أمطر المستثمرون الأسواق مؤخراً بالحجج المرتبطة بالتقنيات". وأضافت: "من الجيد عموماً عدم محاربة بنك الاحتياطي الفيدرالي أو تقنية (الشريط اللاصق)"، في إشارة إلى تقنية تداول قديمة كانت مستخدمة في السوق.
تراهن شاليت حالياً على أن التقنيات الإيجابية والموسمية قد تدعم الأسهم الأميركية بنسبة 5 إلى 10% أخرى.
من جهته، قال مارك هاكيت من "نيشن وايد" (Nationwide) إنه "بينما يزعم المتشائمون أن ارتفاع نهاية العام يعكس تباطؤ حجم التداول أو (التلاعب) من قبل المشاركين في السوق، يسلط المتفائلون الضوء على الرياح الموسمية المواتية، وعوامل الخطر الهادئة، والخلفية الأساسية الداعمة". وأضاف: "ساعد هذا التفاؤل، إلى جانب بيانات الوظائف المرنة في نوفمبر، مؤشرات الأسهم الرئيسية على الوصول إلى مستويات قياسية جديدة، على الرغم من المخاوف المستمرة بشأن سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، ومخاطر سوق العمل، والاضطرابات الجيوسياسية".
7100 نقطة لمؤشر "إس آند بي 500"
سيمتد مؤشر "إس آند بي 500" إلى 7100 نقطة بحلول نهاية العام المقبل وسط اقتصاد قوي، وفقاً لشركة "أوبنهايمر لإدارة الأصول" (Oppenheimer Asset Management)، التي أصبحت توقعاتها الآن الأكثر تفاؤلاً بين أقرانها.
كتب كبير استراتيجيي الاستثمار في الشركة جون ستولتزفوس في مذكرة، أن الأساسيات "تشير إلى المرونة الحالية للاقتصاد، ويبدو أن سوق الأسهم على استعداد للاستمرار في العام المقبل".
ويتوقع استراتيجيو "سيتي غروب" مكاسب متوسطة أحادية الرقم لمؤشر "إس آند بي 400" في عام 2025، وسط تقلبات متزايدة، مدفوعة بهبوط اقتصادي ناعم في الولايات المتحدة، والذكاء الاصطناعي، ووعود دونالد ترمب السياسية.
ويبلغ هدفهم الأساسي للمؤشر 6500 نقطة. وتم تحديد السيناريو الأعلى عند 6900 نقطة، والأقل عند 5100 نقطة؛ وكتب الاستراتيجيون أن سيناريوهات الصعود والهبوط "تؤطر توقعات بزيادة التقلبات".
استعداد لفترة جيدة تاريخياً
تستعد الأسهم الأميركية لخريف جيد بفضل النشوة التي أعقبت الانتخابات والرياح الموسمية المواتية، وحتى الآن فإن الأداء الإيجابي في الخريف هو علامة على أن المكاسب يمكن أن تستمر مع الدخول في العام الجديد، إذا كان التاريخ دليلاً.
منذ عام 1930، وبعد عائدات أفضل من المعتاد في شهري نوفمبر وديسمبر، سجل مؤشر "إس آند بي 500" مكسباً متوسطاً بنسبة 3% في الربع الأول اللاحق، وارتفع أكثر من ثلثي الوقت، وفقاً لاستراتيجيي "بلومبرغ إنتليجنس" جينا مارتن آدامز ومايكل كاسبر. وهذا يعني أن تقدم مؤشر الأسهم القياسي بنحو 6% الشهر الماضي، يساعد في إعداده لمزيد من الارتفاع في يناير، طالما استمرت الأسهم في صعودها على مدى الأسابيع القليلة المقبلة.
اشترت صناديق التحوط أسهماً أميركية صافية لأول مرة في أربعة أسابيع، مع منتجات الاقتصاد الكلي، مثل المؤشرات والصناديق المتداولة في البورصة، والتي تشكل ما يقرب من 90% من صافي الشراء، وفقاً لتقرير مكتب السمسرة الرئيسي لمجموعة "غلدمان ساكس" عن الأسبوع حتى 6 ديسمبر.
تم شراء الأسهم الفردية بشكل متواضع، حيث تجاوزت المراكز الطويلة تلك القصيرة قليلاً. اشترت صناديق التحوط أسهم شركات تكنولوجيا المعلومات بأسرع وتيرة في سبعة أسابيع، على الرغم من أن القطاع كان مبيعاً صافياً خلال الشهر الماضي. كان القطاع الصناعي هو القطاع الأكثر بيعاً، حيث كان البيع على المكشوف الأسبوع الماضي هو الأكبر في أكثر من عامين.
تحركت مراكز شراء العقود الآجلة للأسهم الأميركية إلى الأسفل قليلاً، بعد أن وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، في حين يتوقع بعض المستثمرين رؤية "تراجع كبير" في الأفق، وفقاً لاستراتيجيين في "آر بي سي كابيتال ماركت" (RBC Capital Markets) بقيادة لوري كالفاسينا.
لا يزال تعرض المستثمرين للأسهم أعلى من المتوسط، لكنه ليس عند مستويات قصوى، وفقاً لاستراتيجيين في "دويتشه بنك" بقيادة باراج ثاتي.
لقد تراجع تعرض المستثمرين التقديريين بعد الارتفاع الذي أعقب الانتخابات ولكنه لا يزال مرتفعاً، كما لاحظوا. ارتفع التمركز في أسهم النمو الضخمة والتكنولوجيا، في حين تم سد الفجوة بين الأسهم الدورية والدفاعية، في حين أن التعرض للأسهم ذات القيمة السوقية الصغيرة، بالقرب من أعلى نطاقه التاريخي.