بلومبرغ
سجلت مؤشرات أكبر سوق للأسهم في العالم أعلى مستوياتها على الإطلاق بعد أن حفزت بيانات الوظائف الأميركية الرهانات على خفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة في ديسمبر.
واصلت مؤشرات الأسهم صعودها هذا الأسبوع، ليسجل مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) إغلاقه القياسي الـ57 في 2024. مرتفعاً هذا العام الآن بحوالي 30%، والتي ستُعد أكبر مكاسب سنوية له منذ 2019. وتفوقت سندات الخزانة الأقصر أجلاً -والتي تُعد الأكثر تأثراً بتحركات السياسة النقدية الوشيكة- على باقي الآجال. ويتوقع متداولو عقود المقايضة خفض الفائدة بحوالي 20 نقطة أساس في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر.
تقرير وظائف إيجابي
ارتفع التوظيف في الولايات المتحدة في شهر نوفمبر، وصعد معدل البطالة بشكل طفيف، مما يشير إلى سوق عمل معتدلة بدلاً من سوق عمل تتدهور بشكل كبير.
قال بريت كينويل من "إي تورو" (eToro)، إن المتداولين يحتاجون إلى تقرير وظائف مطمئن، وهذا هو ما حصلوا عليه الآن.
وأوضح: "يريد المستثمرون أن يشعروا أن سوق العمل تقف على أساس متين"، و"كان من المفضل انخفاض معدل البطالة، ولكن مع ذلك يجب أن يطمئن هذا المستثمرين إلى أن سوق العمل ليست على أعتاب الانهيار". وأشار إلى أن "السوق لا تزال تفضل خفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة في وقت لاحق من هذا الشهر، وليس من المتوقع أن يغير هذا التقرير هذه التوقعات".
اختبار التضخم
في حين أن أحدث تقرير لسوق العمل جعل الاحتياطي الفيدرالي يبدو أقرب من خفض أسعار الفائدة مجدداً، إلا أن الأمر ليس مؤكداً تماماً، خاصة في ظل ترقب صدور تقرير رئيسي للتضخم الأسبوع المقبل.
وقال كريشنا جوها، من "إيفركور: "ما زلنا بحاجة إلى اجتياز فحص التضخم قبل أن نصبح واثقين من خفض الفائدة في ديسمبر".
ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.2% إلى حوالي 6090 نقطة. صعد مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.9%. وتراجع مؤشر "داو جونز الصناعي" 0.3%. صعدت أسعار أسهم "ميتا بلاتفورمز" و"ألفابت" إذ تواجه الشركة الصينية الأم لـ"تيك توك" حظراً مرتقباً في الولايات المتحدة إذا لم تلتزم بالموعد النهائي لبيع التطبيق. أثر سهم "إنفيديا" على قطاع تصنيع الرقائق، مع تراجع سعر سهم "كوالكوم" أيضاً، إذ تستعد "أبل" لإطلاق مودم سيحل محل مكونات من شريكها القديم.
وانخفضت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار ثلاث نقاط أساس إلى 4.15%. وارتفع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 0.2%.
وتيرة تدريجية
ويرى جوش جامنر من شركة "كلير بريدج إنفستمنتس" أن تقرير سوق العمل "المناسب تماماً" سيكون مفيداً للأصول الخطرة، وأضاف: "تقرير الوظائف هذا يمكن تصنيفه في المنطقة المعتدلة".
وأضاف: "مع افتراض استقرار الأمور إلى حد ما، يُتوقع أن يكون الاحتياطي الفيدرالي في وضع يسمح له بمواصلة تيسير السياسة النقدية خلال الأشهر القليلة المقبلة، وتشير التعليقات الأخيرة إلى أن الوتيرة التي سيتحرك بها ستكون أكثر تدريجية في 2025".
من المفترض أن يمنح ارتفاع معدل البطالة الاحتياطي الفيدرالي فرصة لخفض الفائدة في ديسمبر، ولكن إذا فعلوا ذلك، فمن المرجح أن يتوقف البنك المركزي الأميركي مؤقتاً (عن خفض الفائدة) في يناير ما لم تتباطأ بيانات التضخم بشكل ملموس، وفق جيفري روتش من "إل بي إل فاينانشال".
أشارت البيانات الأخيرة إلى توقف محتمل في انخفاض التضخم نحو هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، مما يزيد من مخاطر مؤشر أسعار المستهلك الأسبوع المقبل. ويُتوقع أن تظهر الأرقام أن التضخم الأساسي، الذي يستثني الفئات المتقلبة من الغذاء والطاقة، ظل راسخاً في نوفمبر، وفقاً لخبراء اقتصاديين استطلعت بلومبرغ آراءهم.
قال مايكل فيرولي، من "جيه بي مورغان": "معدل البطالة لم يعط سبباً للتوقف عن خفض الفائدة"، و"بينما لا يزال هناك تقرير آخر لمؤشر أسعار المستهلك الأسبوع المقبل، نعتقد أن تغيير تفكير لجنة السياسة النقدية سيتطلب حدوث مفاجأة كبيرة".
قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستان غولسبي، إن سوق العمل تبدو مستقرة إلى حد كبير رغم سلسلة البيانات المتقلبة. وأشارت نظيرته في كليفلاند، بيث هاماك، إلى أن صناع السياسة النقدية "عند أو بالقرب" من النقطة التي يتوجب على البنك المركزي عندها إبطاء وتيرة تخفيضات أسعار الفائدة.
"بيئة إيجابية"
أظهرت بيانات منفصلة أن معنويات المستهلكين في الولايات المتحدة بلغت أعلى مستوياتها منذ أبريل، في حين ارتفعت توقعات التضخم للعام المقبل.
"نظراً للبيئة الإيجابية المتمثلة في النمو الاقتصادي القوي، وسوق العمل الصحية، واحتواء التضخم نسبياً، يمكن لبنك الاحتياطي الفيدرالي الاستمرار في خفض الفائدة، وهذا من شأنه أن يسمح باستمرار السوق الصاعدة حتى نهاية العام وحتى أوائل العام المقبل"، وفق كريس زاكاريلي في "نورث لايت أسيت مانجمنت".
قد يواصل نمو الأرباح، والاقتصاد القوي، دفع الأسهم الأميركية للصعود في 2025 رغم التقييمات المرتفعة بعد عامين رائعين لمؤشر "إس آند بي 500"، وفقاً لاستراتيجيي "إتش إس بي سي" بقيادة نيكول إينوي. وحددت الشركة هدفاً لمؤشر الأسهم الأميركية عند 6700 للعام المقبل.
وكتبت: "إن السنوات المتعاقبة من العائدات التي تفوق 10% ليست غير عادية خاصة في الأوقات التي تكون فيها الظروف الكلية مستقرة".
أدى الارتفاع القوي في الأسهم الأميركية وكذلك العملات المشفرة إلى جعل فئات الأصول تبدو وكأنها في فقاعة، وفق مايكل هارتنت من "بنك أوف أميركا".
تواجه السوق بنسبة مرتفعة خطر حدوث "قفزة مبالغ فيها" مطلع عام 2025 إذا اقترب مؤشر "إس آند بي 500" من 6666 نقطة، أي بزيادة تقارب 10% عن المستويات الحالية، وفقاً لهارتنيت. وأضاف أن مؤشر البنك لتوقعات معنويات المستثمرين (bull-and-bear indicator) يظهر غياب أي علامات على حماسة مفرطة بين المستثمرين العالميين.