هل اصطدم ترمب "رجل الصفقات" بجدران روسية وإيرانية وصينية؟

الولايات المتحدة تضغط بقوة على الحلفاء وتفقد سطوتها في مواجهة الخصوم

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الأميركي دونالد ترمب - بلومبرغ
الرئيس الأميركي دونالد ترمب - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

لطالما تفاخر الرئيس الأميركي دونالد ترمب بقدرته على إبرام صفقات مع أقوى الزعماء في العالم. لكن، وبعد عودته إلى البيت الأبيض، لم ينجح سحره في التأثير على القادة الذين عبّر مراراً عن إعجابه بهم.

ففي غضون يومين، واجه ترمب رفضاً من قِبل قادة روسيا والصين وإيران، وهي دول وعد خلال حملته الانتخابية بإبرام اتفاقيات سريعة معها. كما أن وعوده بإنهاء الصراع في أوكرانيا، والتوصل إلى اتفاق تجاري مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، والحصول على صفقة نووية "أفضل" مع إيران، لم تتحقق حتى الآن.

ترمب يتقهقر أمام الخصوم

كتب ترمب في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي في وقت مبكر من صباح الأربعاء: "أنا أحب الرئيس شي في الصين، أحببته دائماً وسأظل كذلك، لكنه صعب جداً، ومن الصعب للغاية إبرام صفقة معه!!!".

بعد ساعات من ذلك، أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأقر في منشور بأن المحادثة "لن تؤدي إلى إحلال السلام الفوري".

تُعد هذه التصريحات تراجعاً عن مواقف سابقة لترمب وفريقه، الذين شددوا مراراً على أن الحل الوحيد لتلك الأزمات هو بتدخل الرئيس المباشر. لكنه الآن يواجه واقعاً مفاده أن قادة مثل فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ، ليسوا مستعدين للتراجع كما كان يتوقع.

كما تُذكر هذه التطورات الناخبين الأميركيين والعالم، بأن ترمب قدم نفسه على أنه يملك من الدهاء والصلابة، المستمدين من عالم العقارات القاسي في نيويورك، ما يمكنه من مواجهة قادة مثل شي وبوتين، بطرق لم يستطع سلفه جو بايدن اتباعها.

بقيت العلاقات مع بعض الحلفاء، مثل الإمارات، متينة وتعززت بفضل وعود استثمارية الضخمة. في المقابل، نجح الرئيس في الضغط وكسب ود دول أصغر مثل السلفادور وبنما.

قالت كوري شاكي، مديرة دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في معهد "أميركان إنتربرايز": "الدول التي يستطيع الرئيس ترمب التأثير عليها هي أصدقاء أميركا، لأنها لا تريد الإضرار بالعلاقة، في حين أن خصوم أميركا مستعدون تماماً لتحمّل هذا الخطر".

كما أن ترمب تخلّى عملياً عن استخدام سلاح العقوبات ضد روسيا، وظهر في منشوره وكأنه يُقر بادعاء بوتين بأن له الحق في الرد على الهجمات الأوكرانية بالطائرات المُسيّرة التي استهدفت قواعد جوية نهاية الأسبوع.

مساعي ترمب المتعثرة

رفض بوتين نفسه الدعوات إلى التفاوض لإنهاء الصراع، كما طالب ترمب. وقال خلال اجتماع جرى عبر دائرة تلفزيونية مع مسؤولين حكوميين: "كيف يمكن عقد مثل هذه الاجتماعات في ظل هذه الظروف؟! ما الذي يمكن الحديث عنه؟"، مشيراً إلى هجمات أخرى استهدفت جسوراً، حمّل أوكرانيا مسؤوليتها.

وفي الملف الإيراني، تحاول الولايات المتحدة منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، إلا أن المرشد الإيراني علي خامنئي انتقد الأربعاء اقتراحاً أميركياً بشأن اتفاق نووي، واصفاً المسؤولين الأميركيين بـ"المتعجرفين" لأنهم يتوقعون من إيران وقف تخصيب اليورانيوم.

أما الصين، فقد خسر ترمب كثيراً من سطوته في مواجهتها، إذ فرضت قيوداً على تصدير معادن نادرة تُستخدم في صناعة بطاريات السيارات والهواتف المحمولة، في الوقت الذي تُحول فيه اهتمامها نحو أوروبا، حيث ترى فرصة لتعميق العلاقات التجارية.

وعلى عكس قناعة ترمب بأن الحرب التجارية ستُلحق أضراراً جسيمة ببكين، قلبت حكومة شي الطاولة، واستغلت قيود التصدير على المعادن النادرة، للضغط على صناعات أميركية رئيسية، في وقت تحاول فيه التكيف مع الرسوم الجمركية المرتفعة من واشنطن، والقيود المشددة على التكنولوجيا، وجهود الإدارة الأميركية لبناء تحالفات إقليمية ضد الصين.

قال جيريمي شابيرو، مدير برنامج الولايات المتحدة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن ترمب لا يُفضل بالضرورة الزعماء السلطويين، لكنه "يتفاعل معهم بشكل أفضل ويحترمهم أكثر، ولهذا فهو أكثر حذراً في تهديدهم أو في محاولة فرض صفقات غير متكافئة عليهم".

نهج جديد مع روسيا

في ما يتعلق بروسيا، قال مسؤولون أميركيون إن استراتيجية إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن التي اعتمدت على فرض العقوبات على موسكو لم تنجح في إنهاء الحرب، لذلك تحاول الآن اتباع نهج جديد. لكن بعض القادة يخشون أن ذلك يعني أيضاً أن ترمب بات أقرب إلى التخلي عن الصراع، كما هدد سابقاً.

رفض ترمب الاتهامات بأنه يتراجع. وقال الأسبوع الماضي رداً على مصطلح "تجارة تاكو" (Taco Trade) الذي أطلقه مستثمرون لوصف سلوكه بـ"الانسحاب الدائم" (Trump Always Chickens Out)، إنه "ما يُسمى بالتفاوض".

كتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي: "عندما يتعامل العالم بضعف مع تهديدات بوتين، يراه مستعداً لغض الطرف عن أفعاله"، مضيفاً: "حين يشعر بوتين بعدم وجود قوة أو ضغط، بل بضعف، يرتكب المزيد من الجرائم".

تصنيفات

قصص قد تهمك