
بلومبرغ
قد يتراجع إنتاج القمح في الصين بنسبة تصل إلى 5% هذا العام، ليبلغ أدنى مستوياته منذ عام 2018، بعدما أثرت موجة جفاف في مناطق رئيسية للزراعة على المحصول.
ورغم أن هذا التراجع سيكون كبيراً مقارنةً بحصاد العام الماضي القياسي البالغ 140 مليون طن، فإن المخزونات الوفيرة وضعف الطلب المحلي نسبياً، من المرجح أن يُخففا من حدة التأثير، ويحولان دون وقوع صدمة في الإمدادات.
ومع ذلك، فإنها تطورات غير مرحّب بها بالنسبة لحكومة تركّز بشكل متزايد على أمن الغذاء، وقد تُجبرها على إعادة النظر في سياسات الاستيراد.
ويُتوقع أن يتراوح الحصاد الصيني للقمح في عام 2025 بين 133 و135 مليون طن، وفقاً لاستطلاع شمل خمسة متعاملين ومحللين امتنعوا عن الكشف عن أسمائهم نظراً لحساسية المعلومات. ويُعد هذا الرقم الأدنى منذ حصاد عام 2018 الذي بلغ 131 مليون طن.
تراجع الاستيراد
تسعى الصين، وهي أكبر منتج ومستهلك للقمح في العالم، إلى عزل إمداداتها الزراعية عن المخاطر الجيوسياسية المتزايدة، خصوصاً في ظل العداء التجاري المستمر مع الولايات المتحدة، إحدى أكبر الدول المصدّرة للقمح عالمياً.
وكانت بكين قد فرضت رسوماً جمركية بنسبة 15% على القمح الأميركي في مارس، في وقت كان فيه الطلب على الواردات منخفضاً.
وخلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، بلغت مشتريات القمح من الخارج أدنى مستوياتها في سبع سنوات، عند حوالي مليون طن فقط.
لكن تكرار ظواهر الطقس المتطرّف المرتبطة بتغير المناخ يفرض تعديلات سريعة في قنوات الإمداد. وآخر أزمة كبيرة ضربت محصول القمح كانت قبل عامين فقط، عندما تسببت الأمطار الغزيرة في إتلاف المزروعات، ما دفع الواردات السنوية لتبلغ رقماً قياسياً تجاوز 12 مليون طن.
ويُعد القمح من المكونات الغذائية الأساسية في الصين، خصوصاً لإعداد المعكرونة والزلابية، كما يُستخدم كحبوب بديلة في أعلاف الحيوانات.
الجفاف يضرب خنان وشانشي
هذه المرة، المشكلة تقع على الطرف الآخر من الطيف: درجات حرارة مرتفعة وجفاف مستمر أديا إلى تصلّب التربة وذبول المحاصيل. وقد تركز الضرر بشكل خاص في مناطق زراعة القمح شمال الصين، خاصة في مقاطعة خنان، المنتج الأكبر للقمح، إضافة إلى شانشي.
ووفقاً لهيئة الأرصاد الجوية الصينية، كانت هاتان المقاطعتان من بين مجموعة مناطق سجلت معدلات هطول أمطار أقل بكثير من المتوسط في مايو. وتم تصنيف أجزاء من خنان وشانشي على أنها تعاني من جفاف استثنائي، وهي أشد درجات التصنيف وفق النظام الصيني.
الآفات والحرارة تفاقم المشكلة
رغم هذه الظروف، لم تُعدّل الجهات الرسمية، مثل المجلس الدولي للحبوب ووزارة الزراعة الأميركية، توقعاتها بعد لتأخذ بعين الاعتبار المخاوف المناخية، ولا تزال تتوقع محصولاً يفوق 140 مليون طن.
لكن وسائل الإعلام الرسمية في الصين سلطت الضوء على تدهور الظروف قبل حصاد الصيف، بما في ذلك ظهور مبكر ومتكرر للآفات. وقد استجابت السلطات عبر إصدار التحذيرات الرسمية، وتخصيص أموال طارئة، وتعبئة المنتجين لتحسين الري وتعزيز تغذية المحاصيل.
لكن هذه الإجراءات تشكل عبئاً مالياً كبيراً على العديد من المزارعين الذين يعملون بهوامش ربح ضئيلة أصلاً.
موجة حر جديدة تقترب
رغم أن الأمطار التي هطلت في نهاية الأسبوع جلبت بعض الارتياح للمناطق الشمالية الجافة، فإن موجة حر جديدة تلوح في الأفق في وقت لاحق من هذا الأسبوع، مع توقعات بوصول درجات الحرارة إلى 38 درجة مئوية (100 فهرنهايت).
وقال مزارع في مقاطعة خبي، وهي أيضاً من أكبر مناطق إنتاج القمح في البلاد، وعرّف عن نفسه باسم عائلته فقط "لي": "الطقس أصبح فعلاً غير طبيعي، لا تمطر عندما يجب أن تمطر".
وأضاف أن الري الإضافي، رغم تكلفته العالية، كان كافياً لتجنّب المخاوف بشأن محصول القمح في مزرعته، لكنه عبّر عن قلقه من عدم كفاية الأمطار قبل بدء زراعة الذرة الصيفية في نهاية يونيو.