
بلومبرغ
هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالتحرك العسكري ضد نيجيريا ما لم يتوقف قتل المسيحيين على يد متشددين إسلاميين. والسؤال الاقتصادي الرئيسي هو ما إذا كانت ضربة أميركية ستعطل إنتاج النفط؛ إذا حدث ذلك، فإن عملة البلاد (النيرة) ستتراجع، وتكاليف الاقتراض سترتفع.
تولّد صادرات النفط والغاز ما يقرب من 90% من عائدات الصادرات في نيجيريا، وبالتالي فإن أي تعطيل قد يؤدي إلى استنزاف تدفقات النقد الأجنبي واحتياطيات البلاد.
تُعدّ نيجيريا، وهي الدولة الأكثر سكاناً في أفريقيا، منقسمة بشكل شبه متساوٍ بين المسيحيين والمسلمين. وقد تركز النزاع في الأجزاء الشمالية والوسطى من البلاد، حيث يلتقي الشمال المسلم مع الجنوب المسيحي. وهذا بعيد عن منشآت النفط في دلتا النيجر على الساحل الجنوبي.
قد تَقي المسافةُ منتجي الخام من الهجمات المباشرة، لكن خطر توقف العمليات لا يزال قائماً. وحتى من دون أضرار مادية، قد تُوقف الشركات الإنتاج وسط حالة من عدم اليقين. ماذا لو تعطل الإنتاج فعلاً؟
باعتبارها أكبر مصدّر للنفط في أفريقيا، فإن إنتاج نيجيريا سيكون على الأرجح عرضة للإغلاق إذا تعرضت لهجوم أميركي في عامٍ كانت فيه البلاد تشهد تعافياً في الإنتاج مدعوماً بتحسن الأوضاع الأمنية وزيادة الاستثمارات. فقد تجاوز الإنتاج حصة نيجيريا المحددة ضمن "أوبك+" البالغة 1.5 مليون برميل يومياً في الربع الرابع من عام 2024، وذلك بعد عدة أرباع كان الإنتاج فيها دون هذا المستوى.
تولّد صادرات النفط والغاز ما يقرب من 90% من عائدات التصدير في نيجيريا، وبالتالي فإن أي تعطيل في هذه الصادرات قد يؤدي إلى استنزاف تدفقات النقد الأجنبي واحتياطيات البلاد. ووفقاً لبيانات الاحتياطي الأجنبي الرسمي البالغ حالياً 43 مليار دولار، فإن هذا الرقم يكفي لتغطية واردات ثمانية أشهر؛ وهو مستوى أقوى بكثير مما كان عليه قبل عامين؛ ما يحد من مخاطر الديون على المدى القصير ما لم يطُل أمد النزاع.
عملة نيجيريا، النيرة، المُقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية ستواجه ضغوطاً جديدة، مما سيبدد مكاسبها الأخيرة. كما أن تراجع الاحتياطيات سيُعيق جهود كبح التضخم، ويرجّح أن يدفع بمعدلات التضخم لتتجاوز 20%.
كما أن إيرادات الحكومة -التي يشكّل النفط أكثر من ثلثها- ستتراجع أيضاً، ما يقوّض المكاسب المالية التي رفعت نسبة الإيرادات إلى الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من 10% بعد أن كانت من بين الأدنى عالمياً.
وسيؤدي تراجع الإيرادات إلى اتساع العجز عن تقديراتنا البالغة نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي، ما سيُجبر الحكومة على زيادة الاقتراض، ويدفع عوائد السندات النيجرية نحو الارتفاع. وسيُلغي ذلك أثر الانخفاضات في أسعار الفائدة التي شهدناها هذا العام بعد أن خفّض البنك المركزي أسعار الفائدة دعماً لجهود خفض التضخم.
من المرجح أن يتأثر نمو الناتج المحلي الإجمالي، وإنْ كان التأثير أقل حدة من الفترات السابقة. فقد تراجعت مساهمة قطاع النفط في القيمة المضافة الإجمالية إلى نحو 3%، وهو ربع مساهمته قبل عشر سنوات. لكن هذا التراجع لا يكفي لتفادي الضرر، بل يقتصر فقط على التخفيف من حدته.





