مصدرون صينيون: هدنة الرسوم بين ترمب وشي لن تصمد طويلاً

الاتفاق الجديد يخفض الرسوم الأميركية على الواردات الصينية إلى 47% بدلاً من 57%

time reading iconدقائق القراءة - 7
عمال على خطوط الإنتاج في مصنع ألعاب بمدينة شنزن، الصين - بلومبرغ
عمال على خطوط الإنتاج في مصنع ألعاب بمدينة شنزن، الصين - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يشعر المصدرون الصينيون ببعض الارتياح بعد خفض الرسوم الجمركية الأميركية، عقب القمة التي جمعت قادة أكبر اقتصادين في العالم يوم الخميس، إلا أنهم أكدوا حرصهم على التحوط من أي انتكاسات مستقبلية في العلاقات التجارية بين البلدين.

بالنسبة لمشتري وبائعي السلع الاستهلاكية في الولايات المتحدة، فقد بدأت مخاطر الاعتماد الكامل على الصين في إنتاج كل شيء، من الأزياء السريعة إلى زينة الأعياد، تتفوق على ميزتها كمركز تصنيع منخفض التكلفة. وحتى في ظل الهدنة التجارية، لا يُتوقع أن تعيد شركات التجزئة الأميركية النظر في خطط نقل سلاسل التوريد خارج الصين، فيما يلتزم المصنعون الصينيون بتوسيع صادراتهم إلى أسواق أخرى خارج الولايات المتحدة لتقليل تعرضهم للمخاطر.

ميزة خفض الرسوم الجمركية

قال هوانغ لون، مدير المبيعات في شركة تجزئة مقرها غوانزو تبيع الملابس الداخلية وسراويل اليوغا عبر متاجر تجزئة إلكترونية مثل "أمازون دوت كوم" (Amazon.com) و"شي إن غروب" (Shein Group) و"تيمو" (Temu) التابعة لـ"بي دي دي هولدنغز" (PDD Holdings): "خفض الرسوم الجمركية يمنحنا مزيداً من الوقت".

ما تأثير التوافق التجاري بين أميركا والصين على الأسواق العالمية؟.. التفاصيل هنا.

بينما شكل المشترون الأميركيون 80% من إجمالي المبيعات السنوية لشركة هوانغ خلال العام الماضي، سعت شركته في البداية لتقليص هذا الاعتماد إلى 20% فقط عبر التوسع في أسواق أخرى. غير أن الارتفاع المفاجئ في المبيعات قبل بدء تطبيق الرسوم الجمركية قلب هذا الهدف رأساً على عقب هذا العام، لكن الابتعاد عن الولايات المتحدة يظل "السبيل الوحيد لتقليل المخاطر التجارية على المدى الطويل"، على حد قول لون.

الاتفاق التجاري بين ترمب وشي

أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأميركي دونالد ترمب عن هدنة تجارية بعد اجتماعهما في كوريا الجنوبية. وفي إطار اتفاقهما لتهدئة التوترات، وافقت الولايات المتحدة على خفض الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الصينية إلى 47% بدلاً من 57% سابقاً، وهي نسبة تقل كثيراً عن الرسوم البالغة 157% التي كانت واشنطن تهدد بفرضها سابقاً، بحسب ما أفادته وكالة "أسوشيتد برس" يوم الخميس.

رغم أن المعدل الجديد لا يزال أعلى من الرسوم التي تفرضها الولايات المتحدة على دول آسيوية أخرى مثل فيتنام، والتي تبلغ 20%، يوضح المصدرون الصينيون أن الإنتاج المحلي يظل أكثر تنافسية بفضل منظومة التصنيع الراسخة واليد العاملة الماهرة التي تتمتع بها البلاد.

تفاؤل بين المصدرين الصينيين

أعرب عدد من المصدّرين الصينيين الذين تحدثت إليهم "بلومبرغ نيوز" عن تفاؤلهم بأن تحسن العلاقات التجارية سيسهم في زيادة تدفق الطلبات بين أكبر اقتصادين في العالم، مما يعزز ربحية الشركات التي تضررت في الأشهر الأخيرة من الرسوم الأميركية التي تجاوزت 50% على الواردات الصينية.

قال أندريه هوانغ، مدير مبيعات يعمل لصالح شركة تبيع منتجات تنظيف منزلية مثل المماسح من مدينة نينغبو، التي تُعد قاعدة تصدير في شرق الصين: "سنحصل على صفقات أفضل مع عملائنا الأميركيين".

اقرأ أيضاً: الصين تدخل أطول فترة انكماش صناعي منذ أكثر من تسع سنوات

تعطل توسع الشركة في السوق الأميركية بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة التي فُرضت في وقت سابق من العام، لكن الأوضاع بدأت تتحسّن مؤخراً مع تزايد التوقعات بتحقيق تقدم خلال قمة ترمب وشي، بحسب هوانغ. وأشار إلى أن عدد العملاء الأميركيين الذين شاركوا في معرض تجاري يُقام حالياً في غوانزو فاق عدد المشاركين في حدث مماثل قبل بضعة أشهر فقط.

دروس من حرب الرسوم الجمركية

مع ذلك، لم يعد احتمال توسع الأعمال التجارية في السوق الأميركية يثير حماس المصدّرين الصينيين كما في السابق، إذ يقول كثيرون إنهم استخلصوا دروساً من سياسة حافة الهاوية التجارية التي انتهجها دونالد ترمب، وأدركوا أنه لا يمكنهم الاعتماد كلياً على أكبر سوق استهلاكية في العالم.

يتجلى التوجه نحو الأسواق خارج الولايات المتحدة بوضوح في بيانات التجارة الصينية، إذ تتجه البلاد لتحقيق فائض تجاري قياسي يبلغ 1.2 تريليون دولار هذا العام، معوضةً تراجع الصادرات إلى السوق الأميركية بزيادة الشحنات الموجهة إلى أوروبا وأفريقيا ومناطق أخرى في آسيا.

في الوقت نفسه، يعيد العديد من المشترين في الولايات المتحدة النظر في اعتمادهم على الصين كمركز رئيسي للتوريد، إذ يطالبون الموردين بإنشاء خطوط إنتاج خارجها، حتى وإن أدى ذلك إلى ارتفاع التكاليف وتراجع الكفاءة على المدى القريب.

أما لين تشيان، الذي يدير مصانع لإنتاج الألعاب في مدينة شنزن المزدهرة بجنوب الصين وفي فيتنام، فيرى أن خفض الرسوم الأميركية سيسمح لمصانعه في الصين بمواصلة تلبية الجزء الأكبر من الطلبات الأميركية على المدى القريب، لكنه يتوقع تحوّلاً تدريجياً بعيداً عن الصين على المدى الطويل لتفادي أي اضطرابات جديدة.

قال: "نحن وعملاؤنا ندرك تماماً أن وتيرة التنويع لن تتغير، لأن العلاقة بين الصين والولايات المتحدة لا تزال متوترة".

التوسع في فيتنام

وأضاف أن إنشاء منشأة إنتاج في فيتنام المجاورة لم يكن خياراً مطروحاً للنقاش بالنسبة لشركة تمثل العلامات التجارية الأميركية للألعاب ثلاثة أرباع إيراداتها. وأوضح أن هؤلاء العملاء، الذين لم يُفصح عن أسماءهم، هددوا في وقت سابق من هذا العام بوقف الطلبات تماماً ما لم ينقل جزءاً أكبر من الإنتاج إلى الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا.

انطلق الإنتاج في مصنع لين للألعاب في فيتنام أخيراً في سبتمبر، أي بعد ثلاثة أشهر من الموعد المخطط له. وقال إن "التحديات واضحة.. علينا حقاً أن نخرج من منطقة راحتنا".

قد يهمك: صادرات فيتنام تقفز قبل فرض الرسوم الأميركية

بات وجود مصانع داخل الصين وخارجها مصدر أمان إضافي للعديد من المصدّرين الصينيين.

قال باري شان، الذي تصنع شركته زينة الأعياد لصالح شركة "وولمارت" (Walmart) في مصنعها بمقاطعة تشجيانغ شرقي الصين: "لم نعد نخشى تقلبات معدلات الرسوم الجمركية". كما أنه سيبدأ قريباً الإنتاج في مصنع جديد في كمبوديا.

حتى أولئك الذين ما زالوا يعتمدون على السوق الأميركية كسوق رئيسية لهم، يرون أن تنويع الإنتاج خارج الصين أصبح ضرورياً للحفاظ على القدرة التنافسية.

قال كيفن تشين، وكيل الشحن المقيم في شنغهاي: "الجميع يسعون إلى التنويع الآن، فهناك إجماع في الصناعة على أن السوق الأميركية لا يمكنها الاعتماد حصراً على سلسلة التوريد الصينية، تماماً كما لا يمكن للمصنعين الصينيين الاعتماد فقط على السوق الأميركية".

تصنيفات

قصص قد تهمك