كيف يجني ترمب 900 مليار دولار من اليابان وكوريا الجنوبية؟

تعهدات البلدين الاستثمارية في الولايات المتحدة فتحت المجال لاتفاقات إطارية خفضت رسوم ترمب الجمركية

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايشي بعد توقيع وثائق بشأن التجارة والمعادن الأساسية في 28 أكتوبر 2025 - بلومبرغ
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايشي بعد توقيع وثائق بشأن التجارة والمعادن الأساسية في 28 أكتوبر 2025 - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تكبدت اليابان وكوريا الجنوبية خسائر فادحة جرّاء تجدد الهجوم التجاري للرئيس الأميركي دونالد ترمب. مع ضيق هامش المناورة، تعرضت الدولتان لضغوط من واشنطن للالتزام باستثمار مئات المليارات من الدولارات في الولايات المتحدة مُقابل تخفيض الرسوم الجمركية.

تأتي هذه المطالبات بعد سنوات من بلوغ اليابان وكوريا الجنوبية مكانةً بين أكبر الاقتصادات ذات الفوائض التجارية مع الولايات المتحدة.

ساعدت هذه الالتزامات على إبرام صفقات تجارية بين الدولتين الآسيويتين في يوليو، إلا أن تعقيد تعهدات الاستثمار أدّى إلى شهور من الجدل حول حجم ونطاق وهيكل الأموال. وقد أنهت اليابان الآن إلى حد كبير ترتيباتها الاستثمارية مع الولايات المتحدة، محولةً التركيز إلى مشاريع استثمارية محددة قيد الدراسة. في غضون ذلك، تواصل كوريا الجنوبية معارضتها للمطالب الأميركية، مشيرةً إلى حجم الاستثمار المقترح وتأثيره المحتمل على سوق عملاتها.

ما الذي وافقت عليه اليابان لفائدة أميركا؟

وافقت اليابان على استثمار ما يصل إلى 550 مليار دولار في الولايات المتحدة من خلال تمويل مُرتبط بالحكومة. وبموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين في أوائل سبتمبر، يحق للولايات المتحدة النظر في رفع الرسوم الجمركية مرة أخرى إذا لم تقدم طوكيو تمويلاً لمشاريع الاستثمار التي وافق عليها ترمب في غضون 45 يوماً.

اقرأ أيضاً: كيف ستدير أول رئيسة وزراء يابانية الاقتصاد والسياسة الخارجية؟

وفقاً لمُذكرة التفاهم، سيختار ترمب المشاريع بناءً على توصيات من لجنة استثمار بقيادة وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك. وستدمج لجنة الاستثمار مدخلات من اليابان من خلال لجنة منفصلة،  بحيث تنفذ الاستثمارات بحلول 19 يناير 2029، أي نهاية فترة رئاسة ترمب.

تقول الولايات المتحدة إنها لا تنوي رفع الرسوم الجمركية شريطة أن تُنفذ اليابان الاتفاقية بأمانة وألّا تخفق في توفير التمويل. سيكون الرئيس الأميركي قادراً على رفع الرسوم الجمركية مجدداً إذا فشلت اليابان في تمويل مشروع.

تنص الشروط الأولية على أن أرباح الاستثمارات سيتم تقاسمها في النهاية بنسبة 90 إلى 10 لصالح واشنطن.

تعهدات كوريا الجنوبية لفائدة ترمب

تعهدت كوريا الجنوبية باستثمار 350 مليار دولار، على الرغم من عدم الانتهاء من تفاصيل تنفيذ الخطة. قال الرئيس لي جاي ميونغ قبل وصول ترمب إلى كوريا الجنوبية إن الجانبين عالقان في نقاط رئيسية مثل حجم الاستثمارات والإطار الزمني لها وتقاسم الأرباح.

أثارت الصفقة اليابانية والشروط المحددة قلق صانعي السياسات في سيول. قال رئيس وزراء كوريا الجنوبية كيم مين سوك إن الإيفاء بالتعهد سيُوجه ضربة قاسية للاقتصاد الكوري ما لم تقدم الولايات المتحدة الدولارات من خلال مبادلة العملات.

اقرأ أيضاً: كوريا تراجع عرضاً أميركياً جديداً وسط خلافات حول استثمار 350 مليار دولار

كما صدم كوريا الجنوبية اعتقال وتقييد مئات العمال الكوريين في مُداهمة هجرة أميركية على مصنع بطاريات لشركة ”هيونداي موتور“ (Hyundai Motor) وشركة "إل جي إنرجي سوليوشن" (LG Energy Solution) في جورجيا في سبتمبر، ما أثار تساؤلات حول استثماراتها الحالية في الولايات المتحدة.

ما الذي يكتنف الصفقات أيضاً؟

في حين وصف ترمب الصفقات بأنها تتطلب من البلدين تقديم أموال نقدية مقدماً، قال صانعو السياسات في طوكيو وسيول إن التعهدات ستتخذ شكل قروض وضمانات قروض، مع قدر ضئيل فقط من عمليات شراء الأسهم المُباشرة.

لماذا تستثمر اليابان وكوريا الجنوبية مليارات الدولار في أميركا؟

ساعدت التزامات الاستثمار كلا البلدين على تأمين اتفاقيات تجارية إطارية في يوليو أدت إلى خفض الرسوم الجمركية الشاملة من 25% إلى 15%. لكن رسوماً منفصلة بنسبة 25% على السيارات وقطع غيار السيارات ظلت سارية، في انتظار أمر تنفيذي من ترمب.

استخدمت الولايات المتحدة هذا الضغط الإضافي على قطاع السيارات للحصول على التزامات استثمارية أكثر تفصيلاً من كل من اليابان وكوريا الجنوبية.

تحركت اليابان بشكل أسرع في المفاوضات حيث سعى رئيس الوزراء آنذاك شيجيرو إيشيبا إلى تأمين رسوم جمركية أقل على السيارات فيما كانت مكانته السياسية في الداخل تتراجع.

يُمثل قطاع السيارات في اليابان ما يقرب من 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ويوظف حوالي 8% من القوى العاملة في البلاد، وفقاً لتقديرات الصناعة.

ما حجم هذه الالتزامات بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي؟

بالنسبة لليابان، يبلغ التزام الاستثمار حوالي 14% من الناتج المحلي الإجمالي اعتباراً من نهاية عام 2024. وستمثل الدولارات المطلوبة أقل بقليل من نصف احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية.

بالنسبة لكوريا الجنوبية، فإن العبء النسبي أثقل بكثير. ويُعادل تعهدها حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي اعتباراً من عام 2024 وحوالي 80% من احتياطياتها من النقد الأجنبي.

كان الفائض التجاري لليابان مع الولايات المتحدة سابع أكبر فائض في العام الماضي، حيث بلغ 68.5 مليار دولار. هذا يعني أن تعهد طوكيو سيكون ضعف حجم العجز التجاري الأميركي مع اليابان خلال فترة ولاية ترمب الثانية، على افتراض ثبات الفجوة. كان العجز الأميركي مع كوريا الجنوبية أدنى بقليل فقط، إذ بلغ 66 مليار دولار.

ما هي المشاريع المحددة التي تدرسها اليابان؟

لإثبات أن الصندوق يمضي قدماً، استشهدت وزارة التجارة اليابانية بأكثر من 20 مشروعاً قيد الدراسة خلال زيارة ترمب في أكتوبر.

شملت الشركات مجموعة "سوفت بنك" و"ويستنغهاوس" و"توشيبا". وفقاً لوزارة التجارة، تستكشف هذه الشركات مشاريع في مجال الطاقة والذكاء الاصطناعي والمعادن المهمة. ويتراوح حجم المشاريع المقترحة من 350 مليون دولار إلى 100 مليار دولار، ويمكن أن يبلغ مجموعها معاً حوالي 400 مليار دولار، وفقاً لوزير التجارة الياباني ريوسي أكازاوا، الذي قاد محادثات الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة.

ما هو التأثير المحتمل على الاقتصادات والأسواق المالية؟

تكهن المشاركون في السوق بأن مثل هذه الزيادة في الاستثمارات اليابانية في الولايات المتحدة ستؤثر على الين. ومع ذلك، يقول أكازاوا إن الاستثمارات ستُموّل عبر حساب خاص بالعملات الأجنبية، باستخدام حيازات الدولار الحالية بشكل أساسي، ما يقلل من أي تأثير على أسواق العملات.

اقرأ أيضاً: اتفاقيات ترمب ترجح كفة واشنطن وتضعف مكاسب الآسيان

إن اليابان أكبر مستثمر في الولايات المتحدة، وقد أثار توسيع هذا البصمة من خلال الصندوق الجديد أيضاً مخاوف من أن التصنيع المحلي قد يعاني إذا اختارت الشركات بشكل متزايد إنتاج السلع في الولايات المتحدة بدلاً من التصدير من اليابان.

وتدرس الحكومة تدابير لمعالجة هذه المخاوف. تواجه كوريا الجنوبية مخاوف مشابهة، مع أن التأثير المحتمل على عملتها ينظر إليه على أنه أكبر. وقد أعلن بنك كوريا بأن البلاد لا تستطيع توفير تمويل يتجاوز 20 مليار دولار سنوياً دون التأثير على سوق الصرف الأجنبي. وذكرت وسائل إعلام محلية أن سيول تسعى جاهدةً لتدفقات استثمارية سنوية أقل من هذا المبلغ، بينما تواصل واشنطن الضغط من أجل المزيد.

تصنيفات

قصص قد تهمك