
الشرق
يبرز العجز المالي كأحد الملامح الأساسية في التقديرات الاقتصادية للمملكة العربية السعودية خلال السنوات الثلاث المقبلة، إذ يُتوقَّع أن يبلغ نحو ربع تريليون ريال في العام الجاري، قبل أن يتراجع بشكل حاد إلى 120 مليار ريال في عام 2027، ثم يرتفع قليلاً إلى 125 مليار ريال في 2028.
تعكس هذه التقديرات توجه الحكومة السعودية نحو احتواء العجز ضمن مستويات مستقرة نسبياً على المدى المتوسط، مع الإبقاء على وتيرة الإنفاق الموجّه إلى البرامج والمبادرات الهادفة لتنويع القاعدة الاقتصادية وتحفيز الاستثمار.
وتظهر توقعات وزارة المالية أن ميزانية السعودية للعام المقبل ستسجّل عجزاً بقيمة 165 مليار ريال، وهو ما يفوق التقديرات السابقة عند إقرار ميزانية 2025 في نوفمبر الماضي، والتي كانت تشير إلى عجز قدره 130 مليار ريال. كما توقّعت الوزارة في بيانها الصادر اليوم تسجيل عجز في الميزانية لأربع سنوات متتالية، من 2025 حتى 2028.
طالع المزيد: السعودية ترفع توقعات نمو اقتصادها للعام المقبل إلى 4.6% من 3.5%
وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان صرح بمقابلة سابقة مع "الشرق"، في نوفمبر عقب الإعلان عن ميزانية 2025: "نرى أن بالإمكان التوسع في الإنفاق، وهذا ما تتضمنه ميزانيات الأعوام الثلاثة المقبلة. ورغم أن العجز سيتراوح ما بين 100 إلى 140 مليار ريال سنوياً خلال تلك الفترة، إلا أن العائد على الاقتصاد أكبر من كلفة الاستدانة لتغطية هذا العجز".
اقرأ أيضاً: وزير مالية السعودية لـ"الشرق": العائد الاقتصادي لعجز الميزانية يفوق كلفة الاستدانة
قدر من الحذر في 2027
وتتسم الصورة في عام 2027، بقدر من الحذر، حيث يُتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.7% مقارنةً بـ4.7% في تقديرات سابقة.
رفعت السعودية توقعات نمو اقتصادها للعام المقبل إلى 4.6% بدلاً من 3.5% في تقديرات سابقة، مدفوعاً بشكلٍ أساسي بالنمو المتوقع للناتج المحلي للأنشطة غير النفطية، وفقاً للبيان التمهيدي لميزانية عام 2026 الصادر عن وزارة المالية اليوم.
ويرتبط هذا التراجع بحالة عدم اليقين التي يعيشها الاقتصاد العالمي وأسواق النفط، بحسب ما أوضحته وزارة المالية في البيان التمهيدي لميزانية 2026، موضحة أن "الاقتصاد العالمي سيشهد حالـة من عدم اليقين خلال العام المقبل والمدى المتوسط، نتيجة عدد من المخاطر، أبرزها: احتمالية تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتشديد السياسات الحمائية عبر فرض القيود التجارية ورفع التعرفات الجمركية، وهو ما قد يبطئ نمو التجارة العالمية، ويضعف الطلب على البترول، ويزيد من التقلبات في الأسواق".
اضطراب سلاسل الإمداد
الوزارة أضافت: "قد تتسـبب هـــذه التطورات فـــي اضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار السلع الأساسية عالمياً، إضافـــة إلى الضبابية بشأن مسار السياسة النقدية الأميركية، واحتمال تباطؤ وتيرة خفض أسعار الفائدة مقارنة بالتوقعات، مما قد يرفع تكاليف التمويل ويزيد الضغوط على مستويات الدين العالمي".
أما في 2028، فتبدو التوقعات أكثر تفاؤلاً، إذ يُنتظر أن يتسارع النمو الاقتصادي إلى 4.5% بدعم من تعافٍ تدريجي للنشاط الاقتصادي محلياً ودولياً. كما يُقدّر ارتفاع الإيرادات إلى 1.294 تريليون ريال مقابل 1.23 تريليون ريال في 2027، فيما يصل الإنفاق إلى 1.419 تريليون ريال.
ويعكس ذلك استمرار المملكة في تبني سياسات إنفاق توسعية مضادة لدورات الاقتصاد، مع تركيز الإنفاق على المبادرات والبرامج التي تستهدف تنويع الاقتصاد وتحفيز الاستثمار وتسريع وتيرة التحول الاقتصادي بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، وهو ما شددت عليه وزارة المالية في بيانها التمهيدي لميزانية 2026.





