الفقاعة القادمة؟ كيف يُنذر انتشار الكريبتو بأزمة عالمية

تحليل نقدي لتغلغل لصناعة التشفير والترميز في النظام المالي الأميركي والعالمي ومخاطرها البنيوية

time reading iconدقائق القراءة - 15
صورة تعبيرية مولدة بالذكاء الاصطناعي - الشرق
صورة تعبيرية مولدة بالذكاء الاصطناعي - الشرق
المصدر:

الشرق

قبل يومين من "منتدى جاكسون هول" الذي يعقده الاحتياطي الفيدرالي الأميركي كل أغسطس، في ولاية وايومنغ، وعلى بعض كيلومترات قليلة من مقره، نظّم جمع من كبار رجال صناعة الكريبتو مؤتمراً موازياً يسمى "منتدى وايومينغ للبلوكتشين".  كان من ضمن المتحدثين أعضاء كونغرس جمهوريون، وعضوان في مجلس الاحتياطي الفدرالي، ميشيل بومان وكريستوفر والر، وهما العضوان اللذان رشحهما ترمب للمجلس في ولايته الأولى. 

المكان والزمان وقائمة  الحضور رسالة واضحة أن صناعة العملات المشفرة قد تركت الهامش إلى غير رجعة، وصار لقادتها مقاعد على موائد الكبار، وتأثير حاسم على الاقتصاد والمالية العامة. استغرق الأمر ربع قرن من الزمان، كي تنتقل الكريبتو من قصة هامشية في صفحات التكنولوجيا، إلى القصة الرئيسية بصفحات الاقتصاد، لكنها ظلت دائما صناعة موازية للنظام المالي التقليدي ومؤسساته التقليدية من أسواق وبنوك. ونحن في السنة الأولى ولاية الرئيس دونالد ترمب الثانية، نشهد زوال هذه الحواجز إلى غير رجعة، و بوتيرة متسارعة، حيث تسير عملية تطبيع الكريبتو، على قدم وساق، بهدف غرسها في شرايين النظام المالي الأميركي، ومن ثم العالمي، وتقبلها كتطور طبيعي، ووصم نقاده بالرجعية واللُدِّيّة.

فليكن، مازال رافضو الكريبتو يرون في رفضهم منطق، وفي منطقهم وجاهة.

كيف أسس ترمب وعائلته إمبراطورية كريبتو معقدة منذ عودته للسلطة؟

حتى الآن، لم تقدم تقنيات البلوكتشين أو الكريبتو سوى وعود غامضة لم يتحقق منها شيء. عقود من الأحاديث عن التطوير والتثوير في بنية العالم المالية دون تقديم بديل حقيقي ملموس.العكس صحيح، كلما زاد تغلغل الكريبتو في النظام المالي التقليدي، كلما نخر في أسسه ونقل إليه عدوى التقلب عنيف، والصعود محموم والهبوط المدمر، ونشر فيه مشاكل هيكلية تضرب أركانه. وفي حين تستمر خطب الخطباء عن المستقبل المبهر الذي ينتظرنا كلما زاد تبني الكريبتو، وكلما ازدادت شهرة وسلطة ونفوذ المروجين لها، حتى صار من بينهم رئيس أقوى دولة في العالم، لا يسعنا سوى أن نغلق آذاننا، ونفتح أعيننا، لأن القادم أسوأ. 

هوس العملات المستقرة

لسب غير مفهوم، صار الجميع مؤمناً بأن العملات المستقرة، أي العملات الرقمية المقومة بغطاء مالي في العالم الحقيقي، هي المستقبل.

يقول مروجو العملات المستقرة إنها تقنية أسهل وأرخص وأسرع في نقل الأموال من النظم التقليدية في البنوك وشركات تحويل الأموال، وهو ما يستدعي السؤال: ما عيب هذه النظم أصلاً؟ 

الحقيقة، أن المنظومة الحالية القائمة بالفعل لا تعاني من أي مشكلات تكنولوجية تذكر، ولا يحتاج تطويرها لبناء نظام مالي موازٍ. نظرياً، يمكن للمرء أن ينقل مليار دولار بضغطة زر من حساب بنك في اليابان إلى آخر في باريس في طرفة عين. العوائق الحقيقية التي تعقد الأمور هي سياسية وقانونية، كالعقوبات الأميركية التي تمنع إرسال الدولار لحسابات روسية أو إيرانية مثلاً، فضلاً عن القواعد المفروضة على المؤسسات المالية، لمعرفة هويات زبائنها والتحقق من عدم استخدام حساباتها في التهرب الضريبي وغسيل الأموال. 

اقرأ أيضاً: العملات المستقرة.. اقتصاد بديل أم جزء من النظام المالي الحالي؟
نشأت العملات المستقرة في الأصل لمقاومة مخاطر التقلب في أسعار العملات المشفرة الأخرى، إذ أن توفير الدولار الرقمي على البلوكتشين يزيد ثقة المتداولين في سرعة بيع وشراء العملات ذات القيمة المتذبذبة مثل، البتكوين والإيثر، حين تحين اللحظة المناسبة. وقد كانت هذه العملات بالفعل وسيلة مثالية لغسيل أموال قراصنة الإنترنت وتجار البشر لسنوات طويلة، قبل أن تبدأ اليد الطولى لأجهزة الأمن الأميركية في ملاحقة الشركات التي تصدرها حول العالم، وتهدد بالملاحقة القانونية والسجن والعقوبات. وإن أرادت هذه الشركات أن تعمل في النور، فسيكون عليها الالتزام بذات القوانين المقيدة للبنوك وشركات تحويل الأموال، وما يتضمنه ذلك من تعطيل وتكلفة إضافية. 

تنظيم العملات المستقرة يتطلب قانوناً عبقرياً حقاً

هناك رجل واحد على الأقل يرى في العملات المستقرة فائدة للاقتصاد، وهو وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، إذ كشفت "فاينانشيال تايمز" أنه على اتصال بأكبر شركتين مصدرتين لهذه العملات، "تيثر" (Tether) السنغافورية، و"سيركل" (Circle) الأميركية. بحسب التقرير، فإن بيسنت يراهن على أن شركات العملات المستقرة ستقبل على شراء أذون وسندات الخزانة الأميركية كأداة آمنة لحفظ احتياطاتها. تصدر الشركتان سوياً ما يقارب 234 مليار دولار من العملات المستقرة المقومة بالدولار، مع توقعات بتضاعفها خلال الأعوام القليلة المقبلة. لكن هل من الحكمة السعي لجذب كل هذا الطلب على أكثر الأصول المالية أمناً، من أكثر الصناعات المالية خطورة؟ 

اقرأ أيضاً: "تيثر" وإدارة ترمب.. مزيج قد ينذر بمخاطر

فوضى الأسهم المرمزة 

هناك آلاف منصات التداول الآن حول العالم التي يسهل على أي مراهق استخدامها عبر هاتفه الذكي. لكن لسبب ما، يصر صناع الكريبتو على أن تحويل الأسهم إلى رموز رقمية على البلوكتشين ثورة تكنولوجية كبرى، ستفتح مستقبلاً جديدا للصناعة، وتتيح الديمقراطية المالية وتفتح الأبوب للشمول المالي. 

في يوليو الماضي، طرحت منصة "روبن هود"، الرائدة في نشر ثقافة التداول للجميع، مجموعة من الرموز المشفرة لعدد من الأسهم، وقد صرحت الشركة أن الهدف من هذه الخطة هو "فتح الباب أمام الجميع للمشاركة في هذا الاقتصاد". خلال أقل من 30 يوماً، قفزت أسهم الشركة 26% تفاؤلاً بطرحها لهذا المنتج المالي المبتكر الذي لا ينظمه قانون ولا يضبطه ضابط. 

العجيب أن بعض "الأسهم المرمزة" التي طرحتها "روبن هود" كانت لشركات خاصة، ليست متاحة للتداول، مثل "سبيس إكس"، و"أوبن إيه آي" (Open AI). بل إن الأخيرة قد أعلنت صراحة أنها لا علاقة بها بهذه الرموز إطلاقاً، ولم تعلم عن إصدارها شيئاً. سرعان ما ظهرت الحقيقة، وهي أن عملات" أوبن إيه أي" الرقمية لا تمثل أي حصة ملكية فيها، بل هي مشتقات مالية معقدة تعتمد في تسعيرها على قيمة استثمارات خاصة غير معلنة التفاصيل. مثل هذه الفوضى التي ترقى لمرتبة الجريمة في النظام المالي التقليدي، يستحيل رؤيتها في بورصة لندن أو ناسداك مثلا، لكنها مقبولة ومازالت مستمرة، دون عقبات أو ذرائع في عالم الكريبتو الفوضوي.

وبعيداً عن تفاصيل الواقعة هذه تحديداً، ليس هناك مشكلة كي تحلها البلوكتشين أو أي تقنية أخرى. ما يمنع الجمهور من الاستثمار في شركات خاصة غير مدرجة بالأسواق ليس غياب التكنولوجيا، أو قلة الشمول المالي، بل غياب القوانين واللوائح التي تهدف لحمايتهم المخاطرة بمخدراتهم في شركات ناشئة يفلس أغلبها، أو لا يحقق أي إيرادات لسنوات طويلة. إن الأسهم المرمزة ليست أكثر من حيل قانونية لبيع منتجات مالية شديدة التعقيد لجمهور لا يفقه عنها شيئاً، وغير مؤهل لتقدير مخاطرها. 

خزائن بتكوين 

وإن كانت أسهم "روبن هود" قد استفادت من هوس الترميز، فإنها نقطة في بحر الشركات التي وجدت في الكريبتو وسيلة لتحقيق مكاسب من العدم. هناك شركة برمجيات أميركية لم تبلغ إيرادات برامجها في 2024 نصف مليار دولار، ورغم ذلك فالقيمة السوقية للشركة تقارب 100 ملياردولار. إنها بالطبع مايكروستراتيجي، التي غيرت اسمها مؤخراً إلى "ستراتيجي" (Strategy)، الشركة التي حولت نفسها لصندوق متداول لعملة بتكوين قبل أن تصبح هذه الصناديق قانونية. وقد خلقت الشركة نموذجاً مشوهاً وعجيباً، حيث لا أحد يهتم حقاً بالمنتج الحقيقي للشركة، والتي تسجل عاماً بعد عام خسائر تشغيلية. لكن الشركة تمتلك بتكوين، ما يجعل أسهمها ترتفع. ارتفاع أسهمها يمكّنها من جمع  تمويلات جديدة لشراء المزيد من بتكوين؛ وكلما زادت الشراء زاد سعر بتكوين. وارتفاع سعر بتكوين يزيد من سعر أسهم "ستراتيجي". ارتفاع أسهم "ستراتيجي" يسمح لها بجمع تمويلات.. إلخ. 

لعمري، إن بونزي، ومادوف، والمستريح لم يبلغوا هذا القدر من العبقرية في خلق المال من العدم. لكن الأمر كان محدوداً بشركة واحدة، مهما بلغ حجمها. اليوم، هناك أكثر من 166 شركة مدرجة في الأسواق الأميركية نسخت استراتيجية "ستراتيجي"، وبنت "خزائن بتكوين"، تكنز فيها العملات لتضخيم قوائمها المالية. هكذا، قفزت أسهم "سمارتر ويب" (Smarter Web Company) أكثر من 182% في 6 أشهر، ورأت "سيكوانوس كومينيكيشن" (Sequans Communications) أسعار أسهمها تتضاعف 267% قبل أن تنهار بعدها بقليل، والقائمة تطول. 

لا أحد يعلم أو يهتم بنشاط هذه الشركات بالضبط. أسهم تتضاعف في دقائق ثم تهبط في  دقائق. يذكرنا الأمر بفقاعة الإنترنت أواخر التسعينات، حين كان المتداولون يضخون مئات الملايين من الدولارات لشراء أسهم أي شركة تضع كلمة "دوت كوم" في اسمها. الفارق بالطبع أن الإنترنت كان بالفعل واحد من تلك الاختراعات القليلة في التاريخ التي تغير شكل كافة مناحي الحياة كما نعرفها. 

هوس الأصول المرمزة

على نمط الأسهم المرمزة، ناقش حضور مؤتمر وايومينغ ما اعتبروه أحد أهم تطبيقات الكريبتو، وهي تحويل الأصول البديلة إلى رموز قابلة للتداول على البلوكتشين، بما يمكن المستخدمين على سبيل المالث من شراء وبيع عملات رقمية ترمز إلى حصة ملكية في لوحة لدافنشي، أو ساعة رولكس نادرة، أو حقيبة بيركن، أو مزهرية مينغ من القرن السادس عشر. يروج مؤيدو هذه الخطوة إلى أنها لأنها ستوفر فرصاً استثمارية غير مسبوقة في أسواق قليلة السيولة، وتنشر الديمقراطية المالية عبر إتاحة الفرصة للأفراد في المضاربة على أصول كانت لعقود حكر على الأثرياء وصناديق الاستثمار والتحوّط. 

يمكن بسهولة التنبؤ بكم المشاكل التي ستنتج لا محالة عن استخدام في هذه التقنية دون رقابة صارمة. فلنفترض أنني أملك لوحة فنية نادرة. من يراقبني إن أصدرت 100 رمز أو 10 آلاف رمز بضمان اللوحة؟ ومن سيقرر إن كانت لوحتي تُقدر بمليون دولار أو بنصف مليار دولار؟ في العالم الحقيقي، يعتمد التسعير المزادات التي يشارك فيها عدد محدود من المتعاملين المخضرمين، ذوي الخبرة في هذه الأسواق شديدة التخصص، المستعدين لتحمل التقلبات العنيفة لهذه الأصول البديلة وحساب المخاطرة، وتقبُّل الخسائر. 

لهذا السبب تحديداً، نسمع عرضاً عن انهيار كبير في سوق الأعمال الفنية، أو ركود في سوق الساعات الفاخرة دون أن نعبأ كثيراً. هي أسواق معزولة محدودة بعدد المهووسين بها. التوسع في تداول مثل هذه الأصول الخطرة  دون ضابط أو رابط لا ينشر الديمقراطية المالية، بل يوفر فرائس ساذجة عديمة الخبرة يدفعون من أجورهم السيولة اللازمة التي يحتاجها ذوي الخبرة للتخارج وجني الأرباح.

من ناحية أخرى، فإن الإقبال على شراء هذه الرموز، سيزيد الطلب بدوره على شراء السلع الفاخرة للاستفادة من طرحها. وهكذا تتضاعف أسعار أصول غير منتجة عدة مرات، فتزيد أسعار الرموز المتداولة عليها، ثم تزيد أسعار الأصول، ثم تزيد أسعار الرموز، في دائرة جهنمية تنتهي بانفجار الفقاعة آجلاً أو عاجلاً.

أموال تنمو على الأشجار

يوجد في عالمنا أكثر 30 ألف عملة رقمية، لا تستخدم للبيع أو الشراء. لن يشعر أحد في الأغلب باختفاء 99% منها، إلا أن صناع الكريبتو مازالو مصرين على الترويج لترميز كل شيئ ووضع أي شيء على البلوكتشين وكأنه حل سحري لكل مشاكل الكوكب. أحد المشكلات الكبرى داخل هذه المنظومة المعقدة هو أنه لا حدود على الإطلاق لإعادة الرهن (Rehyptholtication). 

داخل النظم المالية التقليدية، هناك قواعد عديدة تقيد عمليات الإقراض والاقتراض والتأمين واستخدام الأصول لتغطية المشتقات المالية. حين تفشل المنظومة في أداء وظيفتها، نجد أموالاً كثيرة تظهر من العدم وتتكاثر وتتضاعف ثم تختفي فجأة مثلما ظهرت فجأة، كما حدث في الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث تجاوز حجم التأمين وإعادة التأمين والأصول والأصول الاصطناعية على الرهون العقارية أضعاف أضعاف ثمن العقارات التي تستند إليها.

أما بأسواق الكريبتو، فالاستثناء هو القاعدة. يمكن للمرء في عدة دقائق أن يخلق عملة "ميم" تصل قيمتها لمئات الملايين من الدولارات على الورق، ثم يقايضها بعملات رقمية أخرى أكثر شعبية وسيولة، ثم يودعها في منصة غير مرخصة ويقترض بضمانها عملة بتكوين، ثم يراهن بالبتكوين في لعبة بوكر بكازينو رقمي، فيخسر أمواله ويجد نفسه مديونا بعدة آلاف من الدولارات الحقيقية بعد أن كان قد اختلقها اختلاقاً من الهواء. لا قواعد ولا قيود في هذا السوق العجيب، الذي يزداد خطورة يوما بعد بتضاعف عدد وحجم الأصول المرمزة بمختلف أنواعها، واختلط ما هو مرخص ومقنن منها بما هو ليس كذلك. 

كاثي وود: معظم عملات الميم ستصبح بلا قيمة

لحن حزين في آخر الطريق

تتغلغل صناعة الكريبتو بسياساتها المالية غير المقيدة داخل النظام المالي والاقتصادي، وتُضعِف أركانه وتزعزع استقراره، حتى تصير جوانبه تنتظر دفعة واحدة لتتساقط كقطع الدومينو. يوماً ما في مستقبل نراه قريباً، ستحدث هزة كبرى في سوق الكريبتو، مثلما حدث قبل ذلك كثيراً، لسبب لا نستطيع توقعه الآن. ربما تبدأ مثلاً بانهيار في أحد منصات تداول رموز سلع الرفاهية والساعات، أو إحدى العملات التي لا تعتمد على غطاء مالي حقيقي مثلماً حدث مع عملة "تيرا" "لونا" عام 2022.

مثل كل مرة، ستؤدي هذه الهزة إلي انهيار عدد من العملات الرقمية الهامشية، مصحوب بهبوط حاد في أسعار "بتكوين" و"إيثر"، ما سيؤدي يؤدي بدوره إلى مئات الآلاف من الإغلاقات الإجبارية للتداولات بالهامش، وخسائر للمتداولين في المشتقات الأكثر مخاطرة. لكن هذه المرة ستختلف. الانهيار لن يقف داخل حدود أسواق الكريبتو المنعزلة. سنرى انهياراً سريعاً في أسهم الشركات التي تضع البتكوين والكريبتو على قوائمها المالية، فضلاً عن انهيار ضخم للأسهم المرمزة. يصاحب ذلك بالطبع بيع سريع وبتخفيضات كبيرة للأصول البديلة كاللوحات الفنية والساعات، لكن هذه المرة سيؤدي بيعها إلى تبخر مليارات الدولارات من الرموز المعتمدة عليها، والمعاد رهنها عشرات المرات في دهاليز وخبايا أسواق الكريبتو. 

نصل للمرحلة الأخيرة. تخارج كيانات كبرى من سوق الكريبتو، والهرب نحو الأصول عالية الجودة كالسندات، وهو السيناريو التقليدي مع كل أزمة مالية. يؤدي هذا الإقبال عادة لخفض عوائد السندات، واتجاه الفيدرالي لخفض الفائدة لإنعاش السوق والحفاظ حيويته من الكساد. هذه المرة، ستختلف. الخروج المفاجئ سيدفع شركات العملات المستقرة لبيع أذون الخزانة لتلبية طلبات التسوية، ما يخلق ضغوطاً بيعية ترفع عوائدها عالياً؛ وهلع في الأسواق وانعدام يقين؛ ومخاوف من الركود تسرّع من حدوثه؛ وأزمة سيولة تُفلس عدة شركات ومؤسسات مالية كبرى، مؤذنة بأزمة شبيهة بـ2008. 

قد يبدو السيناريو أعلاه ظلامياً أو متشائماً أو مبالغاً فيه. لكن أي مستقبل اقتصادي ينتظره عالم يزداد تبنيه لتقنية تخلق المال من العدم، وتحيل الملايين إلى مليارات بعدة أسطر من الأكواد البرمجية؟ إن وقع الانهيار فهو العدل، وإن تفاديناه فهي الرحمة. 

تصنيفات

قصص قد تهمك