
بلومبرغ
حين وصلت أناستاسيا بوغدانوفيتش وزوجها إلى كاليفورنيا في يوليو، بموجب تصريح إقامة إنساني مُخصص للاجئين الأوكرانيين الفارين من الحرب، كانا يتوقعان البقاء في البلاد لفترة طويلة رغم أن أمده كان عامين. فالمعارك كانت ما تزال مستعرة في أوكرانيا وقد بدأت الولايات المتحدة باستقبال أبناء وطنهما منذ بداية الغزو الروسي في 2022.
استأجر الزوجان الشابان شقة في نورث هوليوود والتحقا بوظائف جديدة كما شاركا في سحب الإقامة الدائمة وباشرا بالتخطيط لبناء أسرة.
رسائل مبهمة تطالبهم بالرحيل
غير أن الأشهر الثلاثة الماضية دفعت بالزوجين للبحث عن مستقبل أكثر استقراراً خارج الولايات المتحدة. قالت بوغدانوفيتش، التي بلغت من العمر 27 عاماً وكانت تعمل مندوبة مبيعات في أوديسا قبل فرارها إلى أميركا: "قد لا نعود إلى أوكرانيا الآن، فالحرب ما تزال مشتعلة هناك. ربما نقصد إسبانيا أو إيطاليا أو غيرهما. نحن بحاجة إلى خطة ثانية وثالثة".
اقرأ أيضاً: ترمب يبدأ عهده بإلغاء أوامر بايدن التنفيذية والتضييق على الهجرة
يعيش نحو ربع مليون لاجئ أوكراني في الولايات المتحدة في إطار برنامج "الوحدة من أجل أوكرانيا" (Uniting for Ukraine – U4U) الذي أُطلق في عهد الرئيس السابق جو بايدن، وقد تقدم كثير منهم بطلبات لجوء سياسي أو حماية مؤقتة أو غيرها من أشكال الإغاثة المتعلقة بالهجرة.
إلا أن الرئيس دونالد ترمب أمر فور توليه منصبه بمراجعة جميع ملفات الإقامة الإنسانية المؤقتة وعلّق البرنامج لمدة 90 يوماً. (تمنح الإقامة الإنسانية المؤقتة المستفيد تصريحاً بالبقاء في الولايات المتحدة دون الحصول على وضع قانوني خاص، ما يعني أنها قابلة للإلغاء في أي وقت).
ومع اقتراب انتهاء مهلة المراجعة التي حُددت بتسعين يوماً، ترقب المستفيدون من برنامج "الوحدة من أجل أوكرانيا" صدور تحديث من إدارة ترمب خلال الربيع.
وصل هذا التحديث إلى بعضهم في 3 أبريل، إذ تلقى لاجئون أوكرانيون في مختلف أرجاء الولايات المتحدة، معظمهم من المهاجرين الأوكرانيين الشرعيين، رسائل إلكترونية غامضة من وزارة الأمن الداخلي، استُهلت بعبارة: "إشعار بإنهاء الإقامة الإنسانية. لقد حان وقت مغادرة الولايات المتحدة".
في اليوم التالي، أرسلت الوزارة رسالة ثانية لبعض المتلقين أوضحت فيها أن الإشعار السابق أُرسل عن طريق الخطأ. إلا أن الضرر كان قد وقع فقد تزعزع شعورهم الهش بالأمان.
قال إديم أوبا، وهو شاب من القرم بلغ من العمر 29 عاماً ويعيش في الولايات المتحدة منذ عام 2015: "لقد أحدثت هذه الرسائل فوضى عارمة. كيف للمرء أن يعمل بشكل طبيعي، أو يدير شؤون أسرته، وهو يعيش تحت هذا الضغط المتواصل؟".
خطأ مفزع
رفضت وزارة الأمن الداخلي الكشف عن عدد من تلقوا الرسالة الإلكترونية أو توضيح أسباب الخطأ. ويُرجَّح أن تكون الرسائل أتت نتيجة محاولة ملتبسة لأتمتة إجراءات الترحيل في الوزارة، رغم أنها وصلت أيضاً إلى بعض أشخاص ليسوا مهاجرين.
على سبيل المثال، قالت نيكول ميشيروني، المحامية المتخصصة في قضايا الهجرة لدى مكتب "كاميرون، ميشيروني وسيلفا" في بوسطن، إنها تلقت تلك الرسالة، ربما لأنها تتولى قضايا تتعلق باللجوء والهجرة واستخدم أحد موكليها بياناتها للاتصال به بدل بياناته.
قالت ميشيروني المولودة في ماساتشوستس: "يبدو أن الرسالة وصلت إلى أي شخص كان عنوان بريده الإلكتروني مسجلاً في النظام... هذه الرسائل تثير الهلع بين أناس لهم كامل الحق في البقاء".
اقرأ أيضاً: ترمب يخطط لسحب الإقامة القانونية من نصف مليون مهاجر في أميركا
مع استمرار الضبابية حيال برنامج "الوحدة من أجل أوكرانيا"، انتشر إحساس بانعدام الانتماء في أوساط الجالية الأوكرانية في شتى أنحاء الولايات المتحدة.
كانت أناستاسيا بوغدانوفيتش وزوجها إدوارد بريخودكو ما يزالان ينتظران أي خبر بشأن وضعهما مع اقتراب عيد الفصح، وسط ضغط نفسي جعل الحفاظ على التركيز مهمة صعبة.
قالت بوغدانوفيتش "لا أدري ماذا أفعل... هل أحضّر خبز العيد مثلاً؟".
في النهاية، قررت أن تمضي قدماً في تحضيراتها، وخبزت عدة أرغفة بينما انتظرت المستجدات بشأن تعليق البرنامج.
العودة إلى أوكرانيا أحد الخيارات
لوليتا موظفة حكومية سابقة عمرها 32 عاماً من كييف، تفضل عدم كشف اسم عائلتها، قررت التريث حتى نهاية مايو لاتخاذ قرار بشأن البقاء في الولايات المتحدة أو مغادرتها. انتقلت لوليتا إلى البلاد في يناير 2023، بعد أشهر قليلة من سقوط صاروخ على بعد ما يربو على نصف كيلومتر من منزلها. وهي تقيم حالياً في لوس أنجلوس، أكثر المدن الأميركية استقطاباً للاجئين الأوكرانيين بعد نيويورك وشيكاغو.
انتهت مدة تصريح الإقامة الإنسانية المؤقتة الذي مُنح لها في يناير من ذلك العام بعد مرور عامين على إصداره وهي تنتظر حالياً رداً على طلبين تقدمت بهما، أحدهما لإعادة منحها تصريح إقامة إنسانية مؤقت والآخر للحصول على الحماية المؤقتة.
قالت: "وضعي هنا هش. نظن أننا لن نتلقى أي تحديث من الحكومة، وعلينا ببساطة أن نتعايش مع هذا الواقع كما هو".
تفضّل لوليتا البقاء في الولايات المتحدة بموجب تأشيرة طويلة الأمد، لكنها لا ترغب بمخالفة القانون، وتخطط لمغادرة البلاد إذا رُفض طلباها. قد تكون مغادرة الولايات المتحدة لإعادة تقديم طلب من الخارج الخيار الأنسب أمامها.
أشارت إلى أن والدتها تقيم في بولندا ويمكنها أن تنتقل إلى هناك. وقالت: "أفكر في العودة إلى أوروبا، وربما حتى تجربة العودة إلى أوكرانيا لأرى إن كان القصف هناك شديداً أم لا".