
بلومبرغ
عاشت بلدة كيندلتون في تكساس على الزراعة منذ نشأتها قبل أكثر من قرن ونصف، حين اشترى أميركيون ممن أُعتقوا بعد الاستعباد أراضيَ من مالك مزرعة في نهاية الحرب الأهلية في 1865، لينتجوا القطن والذرة والقمح وغيرها من المحاصيل. تزايد بمضيّ السنين تحويل الأراضي الزراعية إلى مَزارع ماشية ودواجن، وبقي بعضها بوراً بسبب منافسة الشركات الزراعية الكبرى.
يزرع اليوم قلة من قاطني البلدة أراضيهم، وهم 339 شخصاً، ثلاثة أرباعهم من أصل أفريقي، فقد باتت كيندلتون، التي تقع في فورت بيند على بُعد 45 دقيقة بالسيارة من هيوستن، أرضاً يباباً لا قوت فيها، كما يبعد عنها أقرب متجر يعرض كمية وافرة من الفاكهة والخضراوات الطازجة وهو في ريتشموند أكثر من 36 كيلومتراً.
شبكة الأمان ضد الجوع أوْهَى مما يظن الناس
بدأ كريس ويليامز، مالك وطاهي مطعم "لوسيل" في هيوستن، بتأسيس مَزارع عبر مؤسسته غير الربحية "لوسيلز 1913" لمعالجة شح المنتجات الطازجة ومساعدة السكان على إعادة الارتباط بجذورهم الزراعية. بدأت الزراعة في أبريل في الموقع الأول في كيندلتون، على مساحة 50 ألف متر مربع من أصل 220 ألف متر مربع تبرعت بها مقاطعة فورت بيند للمنظمات غير الربحية. يعمل السكان بزراعة وحصاد عشرات المحاصيل، من بينها البطاطا والكرنب والبطيخ، وسيكسبون أجراً ساعيَّاً أعلى مما يحصلون عليه في المزارع الأخرى. كما سيتعلمون كيفية صنع التوابل والمخللات والصلصات وغيرها من المنتجات المطلوبة لدى الشيف دون بوريل، لاعب الوثب الطويل الأولمبي السابق الذي يخطط لفتح مطعم يسمى "لايت أوغست" مع ويليامز هذا العام. قال ويليامز: "نريدهم أن يعودوا ليكونوا أسياد الأرض. نحن ننشئ دورة غذائية شاملة".
50 سنتاً للفدان
في أثناء إعادة الإعمار أُدمِج العتقاء في مجتمعات الجنوب، ومن بينها مقاطعة فورت بيند، إذ أسس عديد منهم مَزارع. في كيندلتون، بيعت الأرض بخمسين سنتاً للفدان، لكن عدم المساواة المنهجي لطالما وضع مشغلي مَزارع السود في وضع غير مُواتٍ، إذ يُرجَّح أن تُقيَّم ممتلكاتهم بإجحاف، وأن تتضاءل فرص حصولهم على قروض مصرفية. نتيجة لذلك تراجعت ملكية السود للمَزارع، وأصبحت المَزارع التي يملكونها أصغر وتولد مبيعات أقل من غيرها. يمثل السود اليوم نحو 1.4% من مشغلي المزارع في البلاد، أي 0.4% من إجمالي المبيعات الزراعية، وفقاً لأحدث بيانات وزارة الزراعة الأميركية التي جُمعت في 2017. يعني انخفاض الملكية في كيندلتون أن معظم العاملين في المزارع لا يجنون كثيراً من المال. قال ويليامز إنّ متوسط الدخل السنوي لعمال المزارع من غير المالكين 15,000 دولار، وهو أقل بكثير من متوسط دخل الفرد على مستوى الولاية عند 31,400 دولار، أو نحو 40,600 دولار في مقاطعة فورت بيند.
مزارعون أميركيون يتجهون لمضاعفة زراعة عبّاد الشمس لمواجهة نقص الإمدادات
اشتهر ويليامز قبل الوباء بمطعمه "لوسيل" المتخصص بالأطباق الجنوبية المحدثة مثل بسكويت الفلفل الحار مع كريمة الهريسة وبطاطا السمك مع الصلصة الفيتنامية نواك مام. سمّى المطعم على اسم جدته الكبرى، لوسيل سميث التي وُلدت في الجنوب بعد الحرب الأهلية، وأنشأت شركة لخدمات الإطعام في 1913، كما ابتكرت أول مزيج من اللفائف الساخنة يُسوَّق في أميركا، وكتبت كتاب طهي بعنوان "كنز لوسيل من الأطعمة الراقية". كان مطعم "لوسيل" محط الأنظار في 2020، إذ كان مكان لقاء الرئيس جو بايدن الذي كان حينها مرشحاً للرئاسة وعائلة جورج فلويد في أعقاب مقتله. افتتح ويليامز "لوسيلز 1913" في ربيع 2020 لتقديم وجبات ساخنة لسكان هيوستن المحتاجين، وتدريب الأشخاص الذين ليس لديهم خبرة في الطهي على العمل في المطابخ. حتى الآن، أعدّت هذه المنظمة غير الربحية أكثر من 629,000 وجبة.
بسعر التكلفة
سيخصص نصف إنتاج المزرعة للوجبات التي تعدّها منظمة "لوسيلز 1913"، وربعه لإطعام السكان المحليين المحتاجين، وسيُباع ربعه الآخر بسعر التكلفة في أول سوق للمزارعين في كيندلتون في أواخر أغسطس، وسيشمل منتجات السكان المحليين والمزارع الأخرى، وفقاً لروبرتين جيفرسون، الرئيس التنفيذي لمنظمة "لوسيلز 1913". توظف المزرعة حالياً شخصين فقط من سكان كيندلتون، ويقول جيفرسون إنه عندما يبدأ الحصاد في أغسطس سيوظفون ستة أشخاص آخرين، مضيفاً أن مزيداً من الناس من مقاطعة فورت بيند سيأتون مع بدء مزارع أخرى في العمل.
ألا يضاهي الجوع شح النفط تهديداً؟
قال جيريمي بيتشيز، مدير البستنة في هذه المنظمة غير الربحية، إنّ المشروع يتناسب مع هدفه لإنشاء شبكة من المزرعة إلى المائدة والمساعدة في جعل منطقة هيوستن أقل اعتماداً على الأطعمة المشحونة من الساحل الغربي والمكسيك. يخطط ويليامز لاستخدام المزرعة للمساعدة في إنشاء منح دراسية للسكان المحليين، بالتعاون مع جامعة "برايري فيو إيه آند إم" (Prairie View A&M)، وهي كلية سوداء تاريخية قريبة كتبت جدته لوسيل منهاج الطهي التجاري لها قبل عقود.
يقول داريل همفري الأب عمدة كيندلتون، الذي كان أسلافه مستعبدين في مقاطعة فورت بيند، إنّ المزرعة ستؤثر إيجاباً في الشباب الذين ربما لم يختبروا الزراعة من قبل، ويقول: "قد يدفع هذا بالعائلات المحلية لتأسيس مزارع صغيرة في مساكنهم".