انهيار كازينوهات ماكاو يجعل لاس فيغاس عاصمة للقمار

بعض نوادي ماكاو فصل موظفين أجانب وعرض إجازات طوعية بنصف أجر وحزم تقاعد سخية

time reading iconدقائق القراءة - 9
صورة جوية لكازينوهات ماكاو تلفها الغيوم في إبريل - المصدر: بلومبرغ
صورة جوية لكازينوهات ماكاو تلفها الغيوم في إبريل - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

فاقت عائدات القمار في ماكاو ستة أضعاف ما كانت عليه في لاس فيغاس في 2019، لكن مركز القمار في نيفادا تخطى منافسه الآسيوي هذا العام، فيما تصارع المنطقة التي تسيطر عليها الصين مع تأثيرات سياسة "صفر كوفيد" لدى بكين، التي تسعى لاجتثاث العدوى بغض النظر عن التكلفة.

صمتت آلات الحظوظ في ماكاو، كما خلت صالات الألعاب من مرتاديها خلال الأسابيع الأخيرة، فقد عانت المنطقة المعزولة من إغلاقات تهدف إلى كبح أكبر انتشار فيروس "كوفيد-19". يأتي هذا بعد أشهُر من التقييد لمكافحة العدوى في الصين كبدت مشغلي الكازينو الستة المرخصين في المدينة خسارة مجمعة بلغت 478 مليون دولار خلال الربع الثاني، وفقاً لمسح أجراه محللو "بلومبرغ". ازدهرت في المقابل الأعمال في نيفادا، إذ تحاول الولايات المتحدة التعايش مع الفيروس.

أعاد رئيس الصين شي جين بينغ تأكيد نهج الصين الصارم في ما يتعلق بالفيروس، رغم أنه يبدو غير واقعي بازدياد مع مواجهة مزيد من المتحولات القابلة للانتقال. ورغم وجود حدود من الناحية التقنية بين البر الرئيسي للصين وماكاو، فإنّ الإقليم عليه اتباع قواعد شي. تأتي ربحية الكازينوهات التابعة لهذه المنطقة، وهي تنتج 80% من دخل الحكومة وثلث دخل قوة العمل، من الزائرين الصينيين الذين قد لا يعودون بنفس الأعداد التي سادت لسنوات قبل الوباء. هذا ما سماه نوح هدسون، المحلل في شركة "غوتاي جونان إنترناشيونال هولدينغز" (Guotai Junan International Holdings)، "الوضع الطبيعي الجديد" للمنطقة. أضاف هدسون: "قد لا يكون هناك تحول جوهري نحو الانفتاح أو تخفيف الضوابط الوبائية في ماكاو. ستتباين القيود عبر الحدود بين أشد وأرخى، بناءً على وتيرة تفشي الفيروس".

مفتوحة وخاوية

أغلقت الصين المدن الكبرى وشددت قيود التأشيرات على السفر إلى الخارج للسيطرة على تفشي متحول "أوميكرون" منذ مارس. ساءت الأوضاع في يونيو حين واجهت ماكاو، المكان الوحيد في الصين الذي يعتبر القمار في الكازينوهات قانونياً، تفشياً كبيراً صحبه تشديد البر الرئيسي لقواعد الحجر الصحي لمنع المسافرين العائدين من نقل الفيروس إلى الوطن. ظلت الكازينوهات مفتوحة حتى مع توقف السياحة، في حين أغلقت الحكومة معظم الشركات الأخرى. لكن صالات القمار كادت تكون خاوية إلا من منظمي الألعاب بألبستهم الأنيقة وبعض اللاعبين شديدي الحماس. لم تعمل سوى بضع عشرات من الطاولات في أحد المراتع الكبرى، أي نحو عُشر طاولاته، لدرجة أن الموظفين باتوا يعتبرون اليوم الذي يخدمون فيه 50 عميلاً يوماً جيداً.

حملة الصين على الشركات تزعزع عاصمة المقامرة

أمرت ماكاو بإغلاق المدينة بما يشمل الكازينوهات لأسبوع في 9 يوليو، ثم مددت الإغلاق لخمسة أيام إضافية لتسمح بإعادة فتح الكازينوهات في 23 يوليو بشروط.

أدى تراجع الإغلاقات إلى تعافي كازينوهات ماكاو بعد فتحها العام الماضي. لكن عائدات المنطقة من القمار بلغت 2.9 مليار دولار بين يناير ومايو، مقابل 3.2 مليار دولار في لاس فيغاس. تدهورت التوقعات المستقبلية في ماكاو، إذ وصل الدخل الشهري إلى 10% فقط من مستويات ما قبل الوباء بحلول نهاية يونيو. نظراً إلى أهمية الكازينوهات الضخمة بالنسبة إلى اقتصاد ماكاو، فإنه لا يوجد كثير يمكن فعله لتخفيف التبعات. خلق طرح مناقصة هذا العام للحصول على تصاريح لعب جديدة ضغوطاً للإبقاء على العاملين رغم أنه لم يكن هناك قدر من العمل يبرر رواتبهم.

إجازات طوعية

بعض الكازينوهات فصلت الموظفين الأجانب لعدم رغبتها بتسريح السكان المحليين، كما عرضت إجازات طوعية بنصف أجر وحزم خروج سخية لتشجيع التقاعد. تتوقع "موديز إنفستورز سيرفيس" (Moody's Investors Service) أن التعافي الكامل لألعاب السوق الشامل في ماكاو قد لا يتحقق حتى 2024، وهو الجزء الرئيسي من أرباح مشغلي الكازينو منذ أن تراجعت ألعاب كبار الشخصيات، التي هيمنت في الإقليم بعد حملة الصين على تدفق رأس المال الخارج وغسل الأموال العام الماضي.

زيادة حالات كورونا في الصين ترفع المخاطر على النشاط الاقتصادي

وفقاً لتقديرات "جيه بي مورغان تشيس"، كانت صناعة القمار تنفق 20 مليون دولار يومياً بلا مردود خلال الربع الثاني، ما أجبر كازينوهات ماكاو على طلب المساعدة من الشركات الأم أو البنوك في لاس فيغاس. حصلت شركة "إس جيه إم هولدينغز" (SJM Holdings) على نحو 19 مليار دولار هونغ كونغ (2.4 مليار دولار) تسهيلات قروض مشتركة من بنوك بقيادة "إنداستريال أند كوميرشيال بنك أوف تشاينا" (ICBC) في ماكاو، ولدى الشركة الحق في الحصول على ائتمان بقيمة 5 مليارات دولار هونغ كونغ من الشركة الأم "إس تي دي إم" (STDM) ومقرها ماكاو.

تباينات انكشاف

تعهدت شركة "وين ريزورتس" (Wynn Resorts) في يونيو بتقديم 500 مليون دولار لشركة "وين ماكاو" (Wynn Macau)، فيما حصلت شركة "ساندز تشاينا" (Sands China) على قرض بقيمة مليار دولار في 11 يوليو من الشركة الأم "لاس فيغاس ساندز" (Las Vegas Sands)، التي تعتمد على عملياتها في ماكاو بنسبة 60% من إيراداتها. تحيط المخاطر بشركة "ساندز" بشكل خاص، إذ وافقت العام الماضي على بيع عقاراتها في لاس فيغاس مقابل 6.25 مليار دولار للتركيز على ماكاو ومنتجع آخر في سنغافورة. قالت الشركة في بيان لها إنّ القرض يسلط الضوء على "ثقتها بإمكانات النمو طويل الأجل في ماكاو".

الصين ستطمح إلى نمو على الطريقة الأميركية قريباً

تشهد مدينة تشوهاي المجاورة في البر الرئيسي تفشياً وتعليقاً للدراسة، ما أثار تساؤلات حول إمكانية استئناف السفر بلا حجر صحي رغم تراجع الإصابات في ماكاو، إذ أُبلغ عن 10 حالات فقط في 19 يوليو مقارنة مع 146 في الذروة. يتوقع مراقبو قطاع القمار تخفيف الضوابط الوبائية بعد مؤتمر الحزب الصيني في وقت لاحق من العام الذي يستعد شي للفوز خلاله بولايته الثالثة. لم يتضح بعدُ إلى أيّ مدى ستتغير السياسة نظراً إلى أن شي جعل من سياسة "صفر كوفيد" أحد أعمدة قيادته، ما يخلق جواً من عدم اليقين يهدد بكبت النمو. قال بن لي، الشريك الإداري في شركة "آي غيميكس" (IGamiX) الاستشارية في ماكاو: "سيستثمر المستثمرون والمشغلون إذا كان بإمكانهم توقع نتيجة معقولة وعائد محتمل على استثماراتهم، ولا يرجح أن يلتزموا هذه الاستثمارات إذا كانت النظرة المستقبلية غير مستقرة".

تصنيفات

قصص قد تهمك