من المصرفي الذي حقق مكاسب سريعة لعائلة ترمب في وول ستريت؟

كايل وول ساعد دونالد ترمب جونيور وشقيقه إريك في جني نصف مليار دولار عبر تعزيز أسهم

time reading iconدقائق القراءة - 28
صورة تعبيرية عن أنشطة دونالد ترمب الابن وشقيقه إريك - بلومبرغ
صورة تعبيرية عن أنشطة دونالد ترمب الابن وشقيقه إريك - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يعد بنك استثماري ناشئ اسمه ”دوميناري هولدينغز“ أحد أحدث المستأجرين في برج ترمب في مدينة نيويورك. ويقع مقره على بعد طابقين فقط تحت مقر ”مؤسسة ترمب“، وهي مقرية يعتبرها رئيس "دوميناري" كايل وول مصدر فخر.

أمضى وول سنوات في بناء علاقة مع عائلة ترمب، ومنذ انتخابات العام الماضي، برز كما لو أنه الوسيط المالي لابنَي الرئيس الأكبر سناً ومجموعة من كبار موظفي ”مؤسسة ترمب“. وقد أبرموا معاً سلسلة صفقات مربحة.

يقع مقر "دوميناري" في الطابقين 22 و23، في مساحة أنيقة كانت يشغلها سابقاً مكتب عائلة تومي هيلفيغر. عند مدخله في أحد أيام يوليو، كان هناك جهاز تلفزيون مضبوط على قناة (Fox Business) قبالة رف عليه جوائز ”لوسايت“ (Lucite) التي تشهد على عمليات جمع تمويل ناجحة لعملاء مؤسسيين.

ماذا علَّمتني أسوأ تداولاتي عن الاستثمار؟

أسماء قليل من هؤلاء العملاء مألوفة، إذ يتخصص البنك في جمع الأموال للشركات الصغيرة جداً، وهي شركات صغيرة ولكنها متداولة وغالباً ما تتقلب أسعار أسهمها بشدة، مدفوعةً بالصخب بقدر ما هي مدفوعة بأي توقع للأرباح.

يساعد ذلك في تفسير سبب نجاح شراكة وول مع عائلة ترمب، التي عادة ما يجلب اسمها نوعاً من الجلبة التي يتوخاها مروجو الأسهم. خذ "أنيوجوال ماشينز" (Unusual Machines) على سبيل المثال، وهي شركة طائرات مسيّرة خاسرة في أورلاندو. بعد ثلاثة أسابيع من انتخابات عام 2024، انتشرت أخبار تفيد بأن دونالد ترمب الابن قد أصبح مستشاراً يتلقى أجراً من الشركة، بالإضافة إلى أنه مستثمر فيها، وهذا الدور المزدوج رتّبه وول.

باكورة المكاسب ظهرت خلال 3 أيام فقط

تضاعفت الأسهم أكثر من ثلاثة أضعاف في ثلاثة أيام، ما أدى إلى مكاسب دفترية قدرها 4.4 مليون دولار للابن الأكبر للرئيس، وفقاً لإفصاحات الأوراق المالية. تبع ذلك صفقات مشابهة مع شركات أخرى، إذ رُبط بين اسم أحد أفراد عائلة ترمب بأسهم كانت مغمورة سابقاً وازدهرت على الدعاية التي تلت ذلك.

تضمنت إحدى هذه الصفقات شركة ”دوميناري“ نفسها: في فبراير، أعلنت أن دونالد الابن وإريك ترمب أصبحا مستشارين ومستثمرين يملكان معاً أسهماً أكثر من أي شخص خارجي آخر. جاء في الإشعار، الذي لم يذكر والدهما، إن دونالد الابن وإريك سيقدمان المشورة بشأن الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات. لم يبدُ مهماً افتقاد كلا الابنين لأي خبرة واضحة في تلك المجالات. 

ارتفعت أسهم ”دوميناري“، ما زاد ثراء وول وابني ترمب بملايين الدولارات. بلغت قيمة حصة الأخوين ترمب مجتمعة في دوميناري أكثر من 17 مليون دولار في 9 أكتوبر. وكانت قيمة أسهم إريك في عملية تعدين ”بتكوين“ التي ساعد بنك ”دوميناري“ في تأسيسها ما يقرب من نصف مليار دولار، وهذا فيض حتى بمعايير ثروة عائلة ترمب، التي يقدّرها مؤشر بلومبرغ للمليارديرات بأكثر من 7 مليارات دولار.

لم يستجب ممثلو ”مؤسسة ترمب“ لطلبات مقابلة إريك ودونالد الابن، اللذين وصفهما وول بأنهما "رجلا أعمال عظيمين“ في مقابلة في فبراير بعد تسميتهما مستشارين لدى ”دوميناري“ في فبراير، ورفض بدوره التعليق على هذه المقالة.

القضاء الأميركي يدين مؤسسة ترمب في قضية احتيال ضريبي

قال بنك ”دوميناري“، بعد تزويده بملخص لتقرير "بلومبرغ بيزنس ويك"، إنه "يحتوي على بيانات غير دقيقة وتشويهات". لم تستجب الشركة لطلب الحصول على تفاصيل أو إتاحة مسؤوليها التنفيذيين. ولم يستجب البيت الأبيض لطلب التعليق.

صفقات دوميناري هي تطور جديد في تقاليد عائلة ترمب. انسحبت نشاطات الرئيس العقارية منذ فترة طويلة من بناء المشاريع لتكتفي ببيع حقوق استخدام اسم ترمب.

إن الشراكة مع وول وأسهمه ذات القيمة السوقية الصغيرة، مثل غزوة عائلة ترمب الأخيرة في العملات المشفرة، هي طريقة أخرى لجني المال مقابل المكانة. قال ستيفن كان، مؤلف دليل استثمار بعنوان: سحر رأس المال الصغير: لماذا تكون أكبر العوائد في أسهم لم تسمع بها من قبل، وقد عمل مصرفياً لدى "دوميناري" لبضعة أشهر العام الماضي: "إنها سمة شبه محددة للشركات ذات رأس المال الصغير، أنها تكافح باستمرار لكسب جمهور… إن الرابط مع ترمب يسلط ضوءاً ساطعاً“.

هل هي مخاطرة تضر بسمعة العائلة الرئاسية؟

ربما كانت عائلة رئيس آخر لتنظر إلى لعبة رأس المال الصغير على أنها مخاطرة تتعلق بالسمعة، نظرا للتاريخ الطويل لهذه الشركات في الإضرار بالمستثمرين. إذا كانت الرأسمالية الأميركية، كما قال وارن بافيت، كاتدرائية ملتصقة إلى كازينو، فلعلنا نجد الشركات ذات رأس المال الصغير قرب عجلة الروليت وآلات القمار بالعملات المعدنية.

حوالي نصف الاكتتابات العامة الأولية لبنك ”دوميناري“ هي لشركات صغيرة مقرها في البر الرئيسي للصين أو هونغ كونغ- وهي ركن من السوق حيث نمت تقلبات الأسعار الجامحة والخداع بكثافة أكثر من سواها.

يغذي هذا النظام البيئي عبر إمداد ثابت من المستثمرين الصغار الذين يذهبون إلى كازينو رأس المال الصغير بحثاً عن نتيجة سريعة. الآن، بفضل وول، تجلس العائلة الأولى إلى جانبهم.

صهر ترمب يستحوذ على حصة بإحدى أكبر الشركات المالية في إسرائيل

مع هذه العلاقات، تأتي أيضاً إمكانية تضارب المصالح. في ولاية ترمب الأولى، تركزت الضجة حول هذا الموضوع بشكل رئيسي على عقارات العائلة، حيث يمكن لجماعات الضغط ومسؤولي الحكومات الأجنبية استضافة فعاليات وحجز غرف فندقية، وهذا يُثري الرئيس. (أصول ترمب موجودة في صندوق استئماني يسميه المستفيد، وبالتالي تنمو ثروته مع زيادة قيمة ممتلكاته).

في هذه الولاية، تسعى العائلة إلى مجموعة أكثر إبهاراً من المشاريع التجارية، ومن ذلك وسائل الإعلام والهواتف المحمولة والعملات الافتراضية. وقد أكد إريك ودونالد الابن أنهما رجلا أعمال بلا ارتباطات، لكن سياسات والدهما كرئيس للولايات المتحدة تؤثر بطريقة أو بأخرى على جميع الشركات التي يعملان معها.

يُعدّ ”دوميناري“ قناة العائلة لكثير من هذه الفرص الجديدة، ما يضاعف من إمكانية اتخاذ قرارات رسمية تزيد ثروة عائلة ترمب.

من هو المصرفي الذي جلب انتباه أبناء الرئيس؟

نشأ وول في كاندور، وهي بلدة في ريف شمال ولاية نيويورك يسكنها نحو 5000. بعد دراسته في كلية انضم إلى قطاع الوساطة وسرعان ما بات يدير أموال أفراد أثرياء في شركات مثل ”أوبنهايمر آند كو“ (Oppenheimer & Co) و“مورغان ستانلي“.

كان من بين عملائه لاعب غولف محترف من كوريا الجنوبية، وقطب في مجال الملكية بالشراكة الموقوتة وظهر قصره الذي تبلغ مساحته 8400 متر مربع في فيلم ”ملكة فرساي“ عام 2012، وحتى شركة مملوكة بالاشتراك مع هانتر بايدن، نجل نائب الرئيس آنذاك جو بايدن.

بايدن يصدر عفواً عن نجله هانتر

كان العمل نفسه متواضعاً، لكن وول ميز نفسه بطرق أخرى: حيث ظهر مع أصدقائه في مجلة أزياء وهو يستعرض ساعة بقيمة 165 ألف دولار، وخالط أفراد من العائلة المالكة الصربية، الذين أصبح ناشطاً معهم في مؤسسة خيرية تقوم بأعمال إنسانية في بلدهم.

بحلول عام 2022، أصبح وول رئيس ”ريفير سيكيوريتيز“ (Revere Securities)، وهي شركة وساطة صغيرة في نيويورك تجمع الأموال للشركات الصغيرة. ينطبق هذا الوصف عادة على الشركات التي تقل قيمتها عن 250 مليون دولار- وهو مجال يحذر فيه المنظمون المستثمرين بانتظام من زيادة المخاطر وإمكانية الاحتيال.

كان أنتوني هايز أحد عملائه، وهو محامٍ وصديق كان أيضاً في جلسة التصوير لمجلة الأزياء. (لم تكلف ساعة هايز سوى 42000 دولار).

كان هايز رئيساً تنفيذياً لشركة صغيرة مدرجة في بورصة ناسداك تنقلت على مر السنين من نشاطات تراوحت بين محليات الطعام والمبيدات الحشرية إلى دعاوى براءات الاختراع إلى أدوية السرطان، بينما تكبدت خسائر بملايين الدولارات. بتوجيه من وول، تحولت الشركة مرة أخرى إلى الخدمات المصرفية الاستثمارية. كما غيرت الشركة اسمها إلى ”دوميناري“، وهي كلمة لاتينية تعني ”الهيمنة".

"أنا أسيطر"

يحب وول هذه الكلمة، وفقا لأحد زملائه السابقين. يتذكر الشخص، الذي تحدث، مثل غيره ممن قابلناهم من أجل هذه المقالة، بشرط عدم كشف هويته لتطرقه لتفاعلات أو معلومات خاصة، قائلاً: "كان يقول: أنا أسيطر، أنا أسيطر، أنا أسيطر“.

سرعان ما عُيّن وول رئيساً للشركة ورئيساً لذراع الأوراق المالية التابعة لها. في الوقت نفسه، شرع في تطوير علاقة مع عائلة ترمب، وفقاً لشخصين عملا معه خلال تلك الفترة. ونقل المقر الرئيسي إلى برج ترمب. وقد أمضى وقتاً وأنفق مالاً في عقارات يملكها ترمب، وهو عضو في نادي الرئيس في جوبيتر بولاية فلوريدا، حيث تبلغ رسوم الاشتراك الآن نصف مليون دولار، وقد نظم نزهات في مضمار آخر لترمب.

 سرعان ما كان يشارك أبناء ترمب وغيرهم من كبار المسؤولين التنفيذيين في ”مؤسسة ترمب“ في صفقات جمع التبرعات الخاصة. وصرح إريك في مقابلة مع (Fintech.TV) التي تركز على العملات المشفرة في أبريل: "لقد جلب لنا (دوميناري) كثيراً من الأشياء الرائعة في الماضي، وقد نجح كثير من تلك الأشياء الرائعة بشكل لا يصدق… أشعر بأني عيناي تلمعان كلما رأيت هؤلاء الأشخاص“.

من هو هاورد لوتنيك أبرز داعمي ترمب في "وول ستريت"؟

بصفته نائباً تنفيذياً للرئيس في ”مؤسسة ترمب“، يدير إريك أعمال العائلة اليومية، وهو منصب يشغل مثيله دونالد الابن، لكنه أنشط كشخصية إعلامية مؤيدة لشعار ”لنعد لأميركا عظمتها“.

لقد اشتكوا من أنه حتى عندما حاولوا تجنب بعض تضارب المصالح خلال فترة ولاية والدهم الأولى، من خلال الامتناع عن إبرام صفقات عقارية جديدة في الخارج، انتقدهم الناس على أي حال. قال إريك لصحيفة ”وول ستريت جورنال“ العام الماضي: "حاولت أن أفعل كل شيء بشكل صحيح في عام 2016، ولم أحصل على كثير من الفضل على ذلك". هذه المرة، كانت هناك حدود أقل.

مثل أبناء ترمب الأكبر سناً، يتنقل وول بين نيويورك ومعقل ”لنعد لأميركا عظمتها“ في جنوب فلوريدا، وهو ما يتضح من سمرته التي غالباً ما تظهر خلال ظهوره المنتظم على قناة ”فوكس بيزنس“، وهو يسرح شعره باتجاه مؤخر رأسه ما يجعله يبدو أشبه بأساطين وول ستريت في الثمانينيات.

على الهواء، يُعدّ متحدثاً موثوقاً بقدراته في ثرثرة الأموال التقليدية -أسهم الذكاء الاصطناعي ساخنة، والسوق في ارتفاع- ولإطراء الرئيس دونالد ترمب.

مستعد للعمل في عطلاته لإنجاز مهامه

يصف كان، خبير رأس المال الصغير الذي عمل لدى "دوميناري"، وول بأنه مخلص لأصحابه، وهو يحب المشاركة في المزاح أو تناول مشروب لكنه أيضاً مجتهد ومخلص لنجاح الشركة.

قال آلان إيفانز، الرئيس التنفيذي لشركة "أنيوجوال ماشينز"، التي ساعد وول في طرحها للاكتتاب العام العام الماضي، قبل ضم دونالد الابن، إنه "مصرفي نيويورك النمطي الذي سيبذل قصارى جهده لإنجاز العمل… السبت والأحد وفي الثانية قبل الفجر- إذا كان هناك عمل يجب توليه، فسوف يفعل“.

على مر السنين، واجه وول خمس شكاوى إلى هيئة تنظيم الصناعة المالية (Finra) من عملاء يزعمون، من بين أمور أخرى، أنه وضع أموالهم في استثمارات غير مناسبة وتداول دون إذن. أُسقطت شكويان، وسُوّيت اثنتان؛ واحدة منها تزعم أنه أساء تخصيص الأسهم في طرح عام أولي هذا العام، وما تزال قائمة.

أبناء ترمب استعانوا بمديرين تعاونوا مع مستثمرين واجهوا اتهامات بالتلاعب

نفى وول ارتكاب أي مخالفات في جميع القضايا، ووصفها في مقابلة فبراير بأنها مجرد تكلفة ممارسة الأعمال التجارية. قال: "هذا جزء من العمل في هذه الصناعة لسنوات عديدة".

تعمل شركة "أنيوجوال ماشينز" من جناح في مستودع بمنطقة صناعية في أورلاندو. عندما زارها مراسل في أواخر يونيو، كان المكان يشهد موجة توظيف، وكانت المكاتب ومحطات العمل الجديدة تتنافس على المساحة مع صناديق كرتونية مليئة بالمعدات.

كان معظم الموظفين -وعددهم كان ما يزال أقل من 20 في ذلك الوقت- يعملون في قسم بيع بالتجزئة يبيع قطع غيار الطائرات المسيّرة، المصنوعة في الغالب في الصين، للهواة.

لكن إيفانز، الرئيس التنفيذي، كان يتطلع إلى مضاعفة عدد الموظفين وفتح مصنع لبدء تصنيع مكوناته الخاصة، بينما كان يسعى للحصول على عملاء جدد في الدوائر الصناعية والحكومية المتعاقدة.

قرب رصيف التحميل، شغّل أحد الموظفين أحد أصغر المنتجات التي تبيعها الشركة، وهو مربع أبيض لا يكاد يزيد حجمه عن شريحة خبز وله أزيز، فنفذ شقلبةً في الهواء. قاد دونالد الابن مسيرةً مشابهة في قاعة رقص في مارالاغو هذا العام أثناء زيارة إيفانز ليعرض بضاعته. قال إيفانز: "لقد كان أداؤه ممتازاً، في الواقع".

نتيجة وجود دونالد الابن على سهم الشركة

لولا دونالد الإبن، لما بدا المستقبل مشرقاً كما هو الآن. بدأت شركة "أنيوجوال ماشينز" كشركةٍ يتيمة؛ طرحتها شركة "وول" للاكتتاب العام بسعر 4 دولارات للسهم العام الماضي بعدما اختار مالكها السابق التركيز على المبيعات العسكرية والتخلي عن قسمها الاستهلاكي. لم يُعجب المستثمرون بالشركة الجديدة بعد إدراجها، إذ انخفضت أسهمها إلى أقل من دولارين. في غضون ذلك، كانت الشركة تلتهم المال.

كان وول يبحث عن مزيد من المال عندما عرض السهم على دونالد الابن. قال إيفانز إن ابن الرئيس كان مفتوناً- فهو طيارٌ مرخصٌ لديه خبرة في استخدام الطائرات بدون طيار في أغراض صيد الأسماك في أعماق البحار.

دفع 100 ألف دولار مقابل الأسهم وأذونات الاكتتاب، وفقاً لملف الأوراق المالية، ووافق في النهاية على التوقيع كمستشار. أدى إعلان دونالد الابن في نوفمبر عن مشاركته في الشركة إلى ارتفاع سعر السهم إلى أكثر من 20 دولاراً، ما دفع استثماره ليرتفع 30 ضعفاً لفترة وجيزة.

لأن دونالد الابن ليس مديراً تنفيذياً أو عضواً في مجلس إدارة شركة "أنيوجوال ماشينز"، فهو غير ملزم بالإفصاح عن موعد بيع أسهمه أو ما إذا كان قد باعها. لكنه واصل الاستثمار في جولات جمع التمويل الأخيرة، كما يقول إيفانز.

من الشرق إلى الغرب.. كيف تقلب "الدرونز" موازين الحروب الحديثة؟

في عالم الشركات ذات رأس المال الصغير، ليس بعيداً عن المألوف أن يؤدي إعلانٌ ملفتٌ للانتباه إلى ارتفاع سعر سهم الشركة، ثم ينخفض ​​بشدة عندما يبيع المطلعون على بواطن الأمور.

قال إيفانز إن هذا ليس ما يحدث هنا. أضاف: "لو كنا نبيع أسهماً بشكل متقطع، عندما كان سعر السهم 20 دولاراً، لكنا جمعنا مالاً… أو عندما كان سعر السهم 20 دولاراً، لكنت بعت أسهمي. اشتريت أسهماً في كل تمويل جمعناه ولم أبع أي سهم قط. فريقنا يؤمن بتوجهنا“.

في إطار التوسع في التصنيع المحلي، تُعدّ شركة "أنيوجوال ماشينز" واحدة من عشرات الشركات الناشئة الأميركية التي تراهن على الطلب من الحكومة والمشترين التجاريين المتخوفين من الصين، المهيمنة عالمياً في صناعة المسيّرات.

لا يستخدم سطوة أبيه في الضغط على البيت الأبيض

يحظى بعض المنافسين بدعم مالي كبير أو براءات اختراع قيّمة، أما "أنيوجوال ماشينز" فلديها دونالد الابن. لكن إيفانز يقول إنه لا يضغط على البيت الأبيض أو يتقرب من مسؤولي وزارة الدفاع. قال إيفانز عن دونالد الابن: "لديه منظور أفضل للصورة الأكبر مني… عندما تتناول الغداء مع إيلون ماسك على متن طائرة، تكون لديك فكرة أفضل عن اتجاه الأتمتة". (كان إيفانز يتحدث قبل أيام قليلة من الخلاف العلني بين ماسك والبيت الأبيض).

قال إيفانز إن أكبر مساهمة لدونالد الابن كانت التأييد العام للشركة نفسها، مبيناً أن عقد اجتماعات مع شركاء أعمال محتملين أسهل هذه الأيام.

لقد جمعت الشركة أكثر من 80 مليون دولار من المستثمرين هذا العام، وقال: "إن مجرد إعارة شيء من هذا الارتباط قد خلق مزيداً من المصداقية للارتقاء فوق الضوضاء… سيكون الأمر أشبه بانضمام أوبرا إلى مجلس إدارة (ويت وتشرز)، أليس كذلك؟ ما الذي تحتاج أوبرا إلى فعله؟ لن تحتاج أن تفعل الكثير".

تمكن وول من تحقيق إنجاز مشابه لعائلة ترمب مع إحدى أكبر شركات العملات المشفرة وهي ”أميركان بتكوين“. خلال فترة ولاية ترمب الثانية، سعى أبناؤه الأكبر سناً إلى عدة مشاريع عملات مشفرة، وجابوا العالم للترويج لها في مؤتمرات الصناعة والتحدث عن موقف والدهم المؤيد للعملات المشفرة، الذي تضمن تعيين مسؤولين متعاطفين والموافقة على التشريعات المدعومة من الصناعة.

"أميركان بتكوين" المدعومة من ترمب تستعد لطرح أسهمها للاكتتاب

في وقت سابق من هذا العام، استحوذ أبناء ترمب الأكبر سناً، إلى جانب وول و“دوميناري“ وآخرين، على حصة 20% في عملية تعدين ”بتكوين“ راسخة لها مواقع في تكساس ونيويورك وألبرتا في كندا.

ثم أصبحت الشركة عامة، من خلال اندماج مع شركة ذات رأس مال صغير، تحت اسم ”أميركان بتكوين“. (يتضمن التعدين تشغيل كمبيوترات قوية لحل الألغاز الرياضية التي تصادق على المعاملات على بلوكتشين بتكوين، مقابل رموز العملات المشفرة).

ظهر الأخوان ترمب في أكبر مؤتمر ”بتكوين“ في هذه الصناعة في لاس فيغاس في مايو للترويج لآفاق الشركة وتوافقها مع رؤية والدهما المؤيدة للعملات المشفرة. 

قال إريك على خشبة المسرح: "لدينا رئيس يحب هذه الصناعة ويدعمها بنسبة 100%… أقول لكم، نحن كعائلة لا يمكن أن نكون أكثر حماساً بشأن هذا الأمر وأشياء مذهلة قادمة مع هذه المجموعة من الناس“.

جلبت الصفقة ربحاً هائلاً لشركة ”دوميناري“، التي كانت تملك أسهماً بقيمة تزيد عن 150 مليون دولار اعتباراً من 9 أكتوبر. بلغت حصة إريك ما يقرب من 450 مليون دولار- وهو رقم مذهل، لا سيما وأن الإفصاحات العامة التي راجعتها مجلة ”بيزنسويك“ لا تظهر أي مساهمات نقدية أو أصول أخرى منه.

احتمال وجود تضارب مصالح 

قال إريك في رسالة نصية: "أنا فخور للغاية بشركة (أميركان بتكوين)… لقد كان نجاحاً مذهلاً". لم يرد على أسئلة حول جوانب أخرى من علاقته مع ”دوميناري“، ولم تجب ”أميركان بتكوين“ على طلب منفصل للتعليق.

 إن تضارب المصالح المحتمل أمر مذهل، سواء مع العملات المشفرة أو الطائرات المسيّرة. على الرغم من عدم وجود دليل على أن استثمارات أبناء ترمب قد أثرت على قرارات السياسة، إلا أن جميع الشركات قد تكتسب أو تخسر قيمتها بناء على تصرفات الإدارة.

في يوليو، أوصى البيت الأبيض بأن تنظر دائرة الإيرادات الداخلية في تغيير التوجيه الضريبي طويل الأمد بشأن تعدين العملات المشفرة بالطريقة التي طلبتها الصناعة، وهو ما سيكون بمثابة نعمة لشركة ”أميركان بتكوين“ وغيرها.

في الوقت نفسه، تأتي الكمبيوترات التي تستخدمها الشركة لتعدين ”بتكوين“ من شركة تصنيع مقرها الرئيسي في الصين. لقد طلب عضو جمهوري في الكونغرس حديثاً من وزارة الخزانة الأميركية التدقيق في مثل هذه الواردات لأسباب تتعلق بالأمن القومي؛ وسواءً كان ذلك أم لا، فهو أمر متروك لتقدير إدارة ترمب.

كندا توقف نشاط "هيكفيجن" الصينية لتهديدها الأمن القومي

أما بالنسبة للطائرات بدون طيار، فقد عملت الإدارة على رعاية الإنتاج المحلي، ووسعت نطاق الجهود التي بدأت في عهد بايدن بدعم من الحزبين. في يونيو، وقع ترمب أمراً تنفيذياً لتسريع طرح قواعد الطيران التي سعت الصناعة إليها منذ فترة طويلة، وفي يوليو أصدر البنتاغون إرشادات تهدف إلى تسريع المشتريات العسكرية للمسيّرات أميركية الصنع- وكلاهما ساعد في رفع أسعار أسهم شركات المسيرات التي تتخذ في الولايات المتحدة مقرات لها هذا العام.

لم تبطئ الصراعات المحتملة وول أو الأخوين ترمب. في أغسطس، كشفوا عن أحدث تعاون لهم: شركة شيك على بياض، ”نيو أميركا أكويزيشن آي“ (New America Acquisition I)، التي ستجمع الأموال في سوق الأسهم ثم تستحوذ على شركة تصنيع محلية، بما يتماشى مع رؤية والدهم "صنع في أميركا“.

مقابل العمل كمستشارين بدوام جزئي، يحصل الأخوان ترمب على أسهم قد تصل قيمتها إلى 50 مليون دولار عندما تبدأ الشركة في التداول العام.

حذف عبارة بعد سؤال صحفي

في ملف للأوراق المالية، قالت ”نيو أميركا“ إنها ستبحث عن هدف استحواذ "في وضع جيد للاستفادة من الحوافز على المستوى الاتحادي أو مستوى الولاية، مثل المنح أو الاعتمادات الضريبية أو العقود الحكومية أو برامج المشتريات التفضيلية“.

بعد أن سألت وكالة ”أسوشيتد برس“ عائلة ترمب عن ذلك، حذفت الشركة العبارة- وألقت شركتها القانونية باللوم على خطأ في الأوراق. ولم تستجب ”نيو أميركا“ لطلب التعليق.

أشار قادة ”دوميناري“ إلى أنهم سعداء بالسرعة في إبرام الصفقات. في رسالة إلى المساهمين في يونيو، أعلن هايز، الرئيس التنفيذي، أنه "فخور جداً" بإنجازات الشركة. ارتفعت الإيرادات، وكذلك أسهم ”دوميناري“، وهي حقيقة نسبها جزئياً إلى مجلس مستشاريه، الذي كان يتألف في ذلك الوقت بالكامل من مديرين تنفيذيين في ”مؤسسة ترمب“، وتحديداً دونالد الابن وإريك وقدامى المحاربين الأقل شهرة في الشركة لورانس غليك وآلان غارتن ورونالد ليبرمان.

تفاخر هايز بعشرات الاكتتابات العامة الأولية التي أكملها ”دوميناري“ حديثاً، بما في ذلك شركة تدير ملعبين للغولف في فلوريدا وأخرى تشق الطرق في هونغ كونغ. قال: “وصف البعض في وسائل الإعلام بعض عروضنا العامة الأولية الأخيرة بشكل غير عادل للإشارة إلى جودة أقل للعميل… نحن نرفض هذه التأكيدات بشكل قاطع".

نجاحات قليلة وكوارث أكثر

صحيح أنه كانت هناك نجاحات ملحوظة للمستثمرين، بما في ذلك مع "أنيوجوال ماشينز". لكن 5 من 12 صفقة استشهد بها هايز يمكن وصفها بالكوارث إلى حد ما، إذ فقدت الأسهم معظم قيمتها منذ أصبحت الشركات عامة.

على الرغم من أنه ليس واضحاً ما إذا كان لعائلة ترمب أي علاقة بمعظم الشركات التي يرعاها ”دوميناري“ في البورصات الأميركية، فقد أصبحت هذه الاكتتابات العامة الأولية جزءاً بارزاً من أعمالها تحت قيادة وول.

كان أحد الاكتتابات العامة الأولية العشرين التي روجها هايز لشركة ”إيفر برايت ديجيتال هولدينغ“ (Everbright Digital Holding)، وهي شركة تسويق في هونغ كونغ تضم سبعة موظفين وتصف نفسها بأنها "منخرطة بعمق في عالم ميتافيرس".

طرح دوميناري أسهم شركة ”إيفربرايت“ للاكتتاب العام في بورصة ناسداك في أبريل بسعر 4 دولارات للسهم، لكنها لم تحظَ باهتمام كبير من المستثمرين حتى يونيو، عندما ارتفع حجم التداول فجأة وقفز السعر إلى أكثر من 6 دولارات.

 لقد غذّى هذا الارتفاع شبكة من نوادي اختيار الأسهم عبر الإنترنت، وهي ظاهرة متزايدة الشعبية، إذ يشجع "الخبراء"، الذين غالباً ما يتظاهرون بأنهم مديرو أموال أميركيون، المستثمرين الأميركيين على شراء الأسهم لتحقيق عائد سريع. قال أرتيوم يفريمنكا، ميكانيكي سيارات يبلغ من العمر 31 عاماً في فريسنو، كاليفورنيا، إنه كان عضواً في أحد هذه النوادي عبر تطبيق المراسلة ”فايبر“.

كان مدير النادي، المعروف باسم "مستر جيمس"، قد قدّم سلسلة نصائح مربحة بشأن الأسهم. لذلك عندما حثّ أعضاء المجموعة على المراهنة بقوة على ”إيفربرايت“، فعل يفريمنكا ذلك، مخاطراً بحوالي 20000 دولار. كان هذا المبلغ يقارب نصف راتبه السنوي.

في منتصف يوليو، انهار سهم ”إيفربرايت“، منخفضاً إلى أقل من دولار واحد. في استراحة الغداء، راقب يفريمنكا بعجز استثماره يتبخر. قال: "قلت في خلدي: لا أصدق أنني خُدعت هكذا. هذا الجشع أوقعنا جميعاً في الفخ". لم يجب يفريمنكا على الاستفسارات.

بريطانيا تشدد قوانين وإجراءات مكافحة الاحتيال الإلكتروني المهمل أميركياً

وسائط إلكترونية للتغرير بصغار المستثمرين

لطالما كانت الأسهم الصغيرة عرضة للاحتيال والتلاعب، لكن الشعبية الأخيرة للشركات الصغيرة جداً، التي يروج لها عبر تطبيقات المراسلة وكثير منها شركات مدرجة في بورصة ناسداك ومقرها الصين، تلفت انتباه الجهات التنظيمية الأميركية وأجهزة إنفاذ القانون. أحياناً يستحوذ المجرمون على كميات كبيرة من أسهم الشركة ويستخدمون منتديات الاستثمار لبيعها بأسعار مبالغ فيها.

بيّن مكتب التحقيقات الفيدرالي في يوليو أن الشكاوى المتعلقة بعمليات البيع والشراء غير المشروعة التي تتضمن تطبيقات المراسلة قد ارتفعت بنسبة 300% منذ العام الماضي. وقد وصلت تقديرات الأضرار التي لحقت بالمستثمرين الأميركيين إلى مليارات الدولارات.

أعلنت هيئة الأوراق المالية والبورصات الشهر الماضي أنها تشكل فريق عمل للتحقيق في مخططات البيع والشراء غير المشروع عبر الحدود، بما في ذلك النظر في شركات الاكتتاب التي ربما ساعدت المتلاعبين بالسوق في الوصول إلى القوائم الأميركية.

منذ أن بدأ ”دوميناري“ أعماله، الي تضمنت 18 من أصل 38 طرحاً عاماً أولياً لها شركات صغيرة مقرها في الصين القارية أو هونغ كونغ. وفي بعض الحالات، لا يوجد سبب واضح لضرورة طرحها للاكتتاب العام في بورصة أميركية.

كانت إحدى الشركات تدير ثلاثة مطاعم للوجبات السريعة؛ وكانت شركة أخرى متجر ساعات فاخرة يعمل بها سبعة موظفين. ارتفع عدة منها بعد الترويج لها عبر مجموعات الرسائل، ثم انخفضت بحدة، ومنها ”فيتون هولدينغ“ (Pheton Holdings)، وهي شركة رعاية صحية، فقدت أكثر من 80% من قيمتها منذ إدراجها، و“سكايلاين بيلدرز هولدينغ“ (Skyline Builders Group Holding)، التي انخفضت بأكثر من 87% في يوم تداول واحد في يوليو. لا يوجد ما يشير إلى أن وول أو ”دوميناري“ لهما أي علاقة بمجموعات الرسائل، أو بصعود الأسهم وانهيارها.

يكسب البنك رسوماً مقابل طرح الشركات للاكتتاب العام ولا يظل منخرطاً فيها بالضرورة بعد ذلك. كما لا يوجد دليل يشير إلى أن ”دوميناري“ يخضع لتحقيق من لجنة الأوراق المالية والبورصات.

إنه مجرد واحد من أكثر من 12 بنكاً استثمارياً متورطاً في طرح شركات صينية صغيرة مضاربة للاكتتاب العام. لكن من خلال القيام بذلك، فقد خلق في الواقع مادة خاماً يمكن للمحتالين استغلالها.

هل يغضون الطرف أم أنهم يتعرضرن لخداع بارع؟

قال مايكل غود، وهو مدون ومستثمر في الشركات الصغيرة في ميشيغان: "إن حقيقة أن هذه الشركات تستمر في أن تصبح عامة وتستمر في هذه الجولات المجنونة والسقطات الكبيرة… تشير إلى أن بعض هؤلاء المصرفيين الاستثماريين يغضون الطرف عن بعض هذا، أو أن هؤلاء المحتالين ماهرون حقاً في إخفاء وتعتيم ما يفعلون“.

قال الشريك السابق إن وول كان يخبر الناس أن الأشهر القليلة الماضية كانت تغييراً للحياة. إن نجاح ”دوميناري“ مع عائلة ترمب يفتح أبواباً أخرى. في يونيو، ساعد وول في تحويل شركة صغيرة تصنع الألعاب إلى مخزن لعملة افتراضية أنشأها الملياردير جاستن صن، وهو مستشار لمشروع تشفير مختلف مرتبط بترمب.

لم تتضمن الصفقة الجديدة العائلة الأولى بشكل مباشر، لكن وول تذكر في حواره مع صحيفة ”وول ستريت جورنال“ أن إريك ترمب قد ضمنه، إذ قال لصن إنه "شخص جيد". كما أخبر وول الصحيفة أن صناديق التحوط والمديرين التنفيذيين يتصلون به فجأة للدخول في الصفقات. نقلت عنه قوله: "هل تريد أن تكون صديقي الآن؟…لا أحتاج إلى ذلك".

في رحلة عمل إلى كوريا الجنوبية هذا العام، عومل وول كسفير غير رسمي، حيث شارك أفكاره حول الإدارة الجديدة في مقابلة تلفزيونية واجتمع مع يانغ كي داي، وهو عضو سابق في البرلمان وصف وول عبر ”فيسبوك” بأنه جسر محتمل بين كوريا والرئيس ترمب. أضاف يانغ أن وول دعاه لزيارة برج ترمب في زيارته القادمة للولايات المتحدة.

تصنيفات

قصص قد تهمك