تدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إدراج عدد من الشركات الصينية لأشباه الموصلات، والمرتبطة بشركة "هواوي تكنولوجيز" على القائمة السوداء، بعدما حققت عملاقة الاتصالات إنجازاً تكنولوجياً كبيراً في العام الماضي، وفق أشخاص مطلعين على الأمر.
سيعد الإجراء تصعيداً آخر في الحملة التي تشنها الولايات المتحدة بهدف احتواء طموحات الصين في مجالي الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، وعرقلتها. كما سيزيد الضغط على الشركة الصينية الوطنية العملاقة التي حققت عدة إنجازات رغم العقوبات القائمة، من بينها تصنيع معالج لهاتف ذكي في العام الماضي، وهو إنجاز ظن أغلب مسؤولي الإدارة الأميركية أن بكين عاجزة عن تحقيقه.
أشار بيان صادر عن رابطة صناعة أشباه الموصلات (SIA)، وهي اتحاد تجاري مقره في واشنطن، إلى أن معظم الكيانات الصينية التي قد تتأثر سبق تصنيفها على أنها منشآت لصنع الرقائق استحوذت عليها "هواوي" أو أنشأتها، وفق الأشخاص الذين لفتوا إلى عدم اتخاذ قرار نهائي حتى الآن. كانت "بلومبرغ نيوز" أول من كشف عن بيان الرابطة في 2023.
أهداف محتملة للعقوبات
الشركات المحتمل إدراجها بالقائمة السوداء تشمل مصنعي الرقائق "تشينغداو سي إن" (Qingdao Si’En)، و"سواي شور" (SwaySure) و"شنزن بنسن تكنولوجي" (Shenzhen Pensun Technology)، وفق الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مخولين بمناقشة المعلومات غير المعلن عنها. كذلك تدرس إدارة بايدن فرض عقوبات على أكبر مصنعة لرقائق الذاكرة في الصين، "تشانغ شين ميموري تكنولوجيز" (ChangXin Memory Technologies).
اقرأ أيضاً: الصين تنشئ صندوقاً للرقائق بـ27 مليار دولار لمواجهة القيود الأميركية
كتب إديسون لي، المحلل لدى "جيفريز" (Jefferies)، بعد تصنيف "تشانغ شين" على أنها أحد الأهداف المحتملة للعقوبات، أن "ضم مزيد من الشركات الصينية إلى قائمة الكيانات التي حددتها الولايات المتحدة أمر مُرجح للغاية. إنه قرار سهل التنفيذ والتبرير، وسيفاقم العقبات أمام قدرة بعض الشركات الصينية الكبرى على استغلال الثغرات الحالية في قيود التصدير".
شركات الرقائق الصينية التي قد تدرجها الولايات المتحدة على القائمة السوداء
اسم الشركة | المنتجات | الموقع |
تشينغداو سي إن | الدوائر المتكاملة لإدارة الطاقة وأجهزة التحكم الدقيقة | تشينغداو |
سواي شور | ذاكرات الوصول العشوائي الديناميكية | شنزن |
شنزن بنسن تكنولوجي | الدوائر المنطقية | شنزن |
سي كاريير | معدات ومواد صنع الرقائق | شنزن |
بنغ جين | معدات ومواد صنع الرقائق | شنزن |
تشانغ شين ميموري تكنولوجيز | ذاكرات الوصول العشوائي الديناميكية | خفي |
بخلاف الشركات التي تنتج رقائق فعلياً، قد تفرض الإدارة الأميركية عقوبات أيضاً على "شنزن بنغ جين هاي تِك" (Shenzhen Pengjin High-Tech)، وفق الأشخاص، وكذلك "سي كاريير" (SiCarrier)، بحسب أحدهم، الذي أضاف أن مصدر القلق من الشركتين اللتين تنتجان معدات تصنيع أشباه الموصلات هو أن تعملا بالوكالة لمساعدة "هواوي" في الحصول على المعدات الممنوع تصديرها. كانت "بلومبرغ" أول من كشف عن علاقة الشركتين بـ"هواوي" في أواخر 2023.
تشديد القيود على التكنولوجيا
تحث الحكومة الأميركية حلفاءها، ومن بينهم هولندا وألمانيا وكوريا الجنوبية واليابان، على تشديد القيود المفروضة على حصول الصين على تكنولوجيا أشباه الموصلات. وتعد "هواوي" واحدة من الشركات التي تستهدفها الحملة بشكل رئيسي، والتي تستهدف كذلك الجهود التي تبذلها بكين لتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الغربية.
لم يتضح ما إذا كان لدى وزارة التجارة التي تشرف على ما يطلق عليها "قائمة الكيانات" مزيد من الأدلة التي تربط الشركات بـ"هواوي"، وفق الأشخاص. يُذكر أن الولايات المتحدة قادرة على فرض عقوبات على الشركات التي تمثل تهديداً على أمنها القومي في المستقبل، ولا يتوجب على المسؤولين بالضرورة إثبات النشاط المُضر أو غير المشروع.
اقرأ أيضاً: الصين تنتقد احتكار أميركا للتكنولوجيا مع تشديد بايدن للقيود
رفض مجلس الأمن القومي ومكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأميركية التعليق، ولم يرد ممثلو الشركات الصينية المنفصلة ولا وزارة التجارة في الصين على رسائل تطلب التعليق. وأكدت وزارة الخارجية الصينية "رفضها القاطع" للإجراءات الأميركية التي تسبب خللاً في نظام السوق، وتضر بالشركات الصينية. غير أن الوزارة لم تعلق تحديداً على الإجراءات الأميركية التي ما تزال قيد المناقشة.
عوامل أخرى مؤثرة في القرار
لم يتأكد متى سيتخذ المسؤولون الأميركيون القرار النهائي، وفق الأشخاص، الذين أكدوا أن توقيت القرار سيعتمد على الأرجح على وضع العلاقات بين واشنطن وبكين، والتي سعى الجانبان إلى تحسينها خلال الأشهر الماضية.
من المرتقب أن تزور وزيرة الخزانة جانيت يلين الصين مرة أخرى في 2024، وناقش كبار المسؤولين إجراء اتصال هاتفي بين بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ في وقت ما خلال فصل الربيع الحالي.
هناك اعتبارات سياسية أخرى كذلك، مثل موعد إعلان البيت الأبيض عن التعديل الذي طال انتظاره على التعرفة الجمركية على المنتجات الصينية، والتي فُرضت للمرة الأولى في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب. كما يدرس المسؤولون أيضاً زيادة الرسوم الجمركية على الرقائق الأقدم جيلاً الواردة من الصين، وفق أشخاص مطلعين على الأمر أشاروا إلى تكثيف تلك المحادثات خلال الأسابيع الماضية.
اعتماد الصين على تكنولوجيا الغرب مستمر
أُدرجت "هواوي" على قائمة الكيانات في 2019، ما يعني عدم تمكنها من شراء التكنولوجيا الأميركية إلا بعد حصول البائعين على رخصة تصدير خاصة من وزارة التجارة. رغم أن تلك العقوبات عرقلت نشاط "هواوي" في الهواتف الذكية لسنوات، أزاحت الشركة الستار في أغسطس الماضي عن هاتفها الجديد "ميت 60" (Mate 60) الذي يعمل برقاقة 7 نانومترات صُنعت في الصين، وبدأت بيع الهاتف إبان زيارة وزيرة التجارة الأميركية جينا رايموندو للبلاد.
اقرأ أيضاً: هاتف "هواوي" يثبت تخلي الصين عن مورّدي الرقائق الأميركيين
رغم أن المعالج كان من تصنيع "سيميكوندوكتور مانيوفاكتشرينغ إنترناشيونال" (.Semiconductor Manufacturing International Corp) الصينية، فما يزال يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الغربية، بما يشمل أدوات من عملاقة المعدات الهولندية "إيه إس إم إل هولدينغ" (ASML Holding NV) وموردتين أميركيتين هما "أبلايد ماتيريالز" (.Applied Materials Inc) و"لام ريسيرش" (.Lam Research Corp).
يشير استخدام تلك المعدات- رغم شرائها قبل دخول قيود التصدير الأميركية والهولندية حيز التنفيذ- إلى أن الصين ما تزال عاجزة عن استبدال المكونات الأجنبية بشكل تام، رغم سعي بكين إلى بناء سلسلة توريد محلية كاملة لأشباه الموصلات.
قال مكتب الصناعة والأمن إنه يحقق في أمر رقاقة 7 نانومترات "المزعومة"، وتعهدت رايموندو باتخاذ إجراءات "بأشد صرامة ممكنة" لحماية الأمن القومي الأميركي. في غضون ذلك، طالب نواب جمهوريون إدارة بايدن بمنع "هواوي" و"سيميكوندوكتور مانيوفاكتشرينغ إنترناشيونال" تماماً من الوصول إلى الموردين الأميركيين.