حصل علاج الزهايمر التابع لشركة "إيلي ليلي آند كو" (.Eli Lilly & Co) على الموافقة التنظيمية في الولايات المتحدة ليصبح ثاني عقار يبطئ تطور هذا المرض المسبب لتدهور الوظائف العقلية والإدراكية، والذي يصيب 6 ملايين أميركي.
تعد هذه الخطوة انتصاراً كبيراً لشركة "ليلي" ومستثمريها الذين كانوا ينتظرون العقار بفارغ الصبر منذ أن أظهر نتائج واعدة في التجارب السريرية قبل أكثر من ثلاثة أعوام. واجه العقار المعروف بـ"كيسونلا" (Kisunla) عدة تأخيرات تنظيمية قبل الموافقة عليه. وسوف ينافس عقار "ليكيمبي" (Leqembi) الذي تنتجه شركة "إيساي" (Eisai)، الذي يباع في الولايات المتحدة منذ أوائل 2023.
هوت أسهم شركة "ليلي"، ومقرها في إنديانابوليس، بنسبة 0.8% يوم الثلاثاء في نيويورك. وكان السهم قد ارتفع بأكثر من 50% منذ بداية العام حتى يوم أمس وسط نمو سريع لمبيعات عقاقير إنقاص الوزن ومرض السكري. كما انخفضت أسهم شركة "بيوجين" (Biogen)، الشريكة لـ"إيساي"، بنسبة 1.3%.
أوضحت شركة "ليلي" أن عقار الزهايمر سيكلف 32 ألف دولار في العام الأول من العلاج. وهذا يزيد قليلاً عن التكلفة السنوية البالغة 26.500 دولار لتناول شخص متوسط الحجم لعقار "ليكيمبي". لكن يمكن للأطباء إيقاف العلاج إذا انخفضت لويحات الدماغ، وهي المادة السامة التي يزيلها الدواء، إلى مستوياتها الدنيا، وهو ما حدث مع عدة أشخاص في التجارب بعد حوالي عام.
تكاليف أقل
يعني ذلك أن التكلفة الإجمالية للعلاج التي يتحملها المريض قد تكون في بعض الأحيان أقل من عقاقير الأميلويد الأخرى، حسبما قالت شركة "ليلي". في التجربة الرئيسية للموافقة على "ليكيمبي"، خضع المرضى للعلاج لمدة 18 شهراً كاملة.
يتمثل العقاران اللذان تنتجهما "إيساي" و"ليلي" في حقن تقضي على الأميلويد السام في أدمغة مرضى الزهايمر. ويُبطئ العقاران المرض بشكل طفيف، وتجري الموافقة عليهما فقط للأشخاص في مراحل مبكرة من الزهايمر، وهم يشكلون أقلية من إجمالي المرضى المصابين بالمرض. وتشمل الآثار الجانبية لكلا العقارين تورماً ونزيفاً في الدماغ.
عانى 36% من المرضى الذين تناولوا عقار "ليلي" في الدراسة الرئيسية للشركة من حدوث تورم أو نزيف في الدماغ، وظهرت الأعراض لدى 6% منهم، وفقاً لملصق العقار. وهناك عمليات فحص منتظمة مطلوبة لمراقبة هذه التأثيرات. يتمتع عقار "ليلي" بميزة راحة محتملة للمريض؛ نظراً لأنه يُحقن كل أربعة أسابيع، مقارنة بكل أسبوعين لعقار "ليكيمبي".
قال هوارد فيليت، المؤسس المشارك لمؤسسة "اكتشاف عقاقير الزهايمر" (Alzheimer’s Drug Discovery Foundation)، في مقابلة قبل الموافقة على العقار، إن الجرعات الأقل تواتراً وإمكانية إيقاف العلاج تعد "أمراً هاماً حقاً".
سلسلة من التأخيرات
واجهت شركة "ليلي" مجموعة عراقيل أثناء طرح عقار "كيسونلا" في السوق. ففي أوائل 2023، رفضت إدارة الغذاء والدواء منح العقار موافقة عاجلة بناءً على نتائج التجارب المبكرة، وأخبرت الشركة أنها تريد انتظار تجارب متأخرة. وعندما قدمت الشركة هذه البيانات، احتاجت إدارة الغذاء والدواء إلى وقت أطول لمراجعتها. ثم في بداية العام الجاري، قررت الإدارة في وقت متأخر من عملية المراجعة عقد جلسة استماع ليوم كامل لمراجعة سلامة وفعالية العقار.
صوتت لجنة من المستشارين الخارجيين لإدارة الغذاء والدواء بالإجماع بإجازة العقار في 10 يونيو.
قالت آن وايت، رئيسة قسم علوم الأعصاب لدى "ليلي"، في مقابلة قبل الموافقة على العقار، إن "كثيراً من المشاعر تسود في الأروقة اليوم، فنحن لدينا صور لأفراد العائلة على جدراننا لتذكرنا بسبب الجهد الذي نقوم به".
كان عقار مرض الزهايمر جزءاً لا يتجزأ من مستقبل شركة "ليلي"، لكنه أصبح أقل أهمية مقابل عقاقير إنقاص الوزن "جي إل بي-1" (GLP-1)، وهي سوق يُتوقع أن تصل قيمتها إلى 130 مليار دولار سنوياً بحلول نهاية العقد، وفقاً لمحللي بنك "غولدمان ساكس".
يُتوقع أيضاً أن تنمو مبيعات عقاقير الزهايمر بشكل كبير. ويعتقد محللو "بلومبرغ إنتليجنس" أن المبيعات سترتفع إلى 13 مليار دولار بحلول 2030، من حوالي 250 مليون دولار هذا العام.
التقدم المنتظر
قالت جوان بايك، الرئيسة التنفيذية لجمعية الزهايمر (Alzheimer’s Association)، في بيان، إن "وجود خيارات علاجية متعددة هو التقدم الذي كنا ننتظره جميعاً. كلنا تأثر، بل وصُدم، بهذا المرض الصعب والكارثي". بذلت الجمعية غير الربحية قصارى جهدها للحصول على الموافقة وتغطية تأمينية واسعة النطاق للعقاقير التي تحد من الأميلويد.
تسببت المشكلات اللوجستية وانعدام اليقين بشأن سداد التكاليف ومتطلبات اختبار السلامة المعقدة في تباطؤ طرح شركة "إيساي" وشريكتها "بيوجين" لعقار "ليكيمبي". ولم يكن برنامج "ميديكير" (Medicare)، وهو برنامج الصحة الأميركي للمسنين، يغطي العلاجات بشكل روتيني حتى وقت قريب، كما لم تكن برامج طب الأعصاب في المستشفيات مجهزة لإجراء المراقبة المطلوبة لاستخدام العقاقير.