واصلت أسهم التكنولوجيا الأميركية الكبرى مسيرتها القياسية، بينما تراجعت سندات الخزانة وسط استعداد وول ستريت لتباطؤ وتيرة تخفيضات الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة قبل اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل.
قفز مؤشر "ناسداك 100" للأسبوع الرابع على التوالي مدعوماً بارتفاع أسهم شركات تكنولوجيا الرقائق بقيادة سهم "برودكوم" (Broadcom) يوم الجمعة. ارتفع المؤشر الشهير بأسهم التكنولوجيا 0.8% إلى أعلى مستوى له على الإطلاق للمرة الثانية في ثلاثة أيام، بينما واجهت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية الأخرى صعوبات. تراجع مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) بنسبة 0.6% هذا الأسبوع، في حين انخفض مؤشر داو جونز الصناعي 1.8%.
سعر سهم "برودكوم" صعد 24% إلى مستوى قياسي بعد توقع الشركة طفرة في الطلب على رقائق الذكاء الاصطناعي الخاصة بها ووصول قيمتها السوقية إلى تريليون دولار. وارتفعت أيضاً أسعار أسهم شركات مثل "مارفل تكنولوجي" و"ميكرون تكنولوجي" و"إنفيديا كورب".
ومن الممكن أن يؤدي خفض سعر الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل إلى زيادة صعود السوق الذي يبدو أنه سيستمر هذا العام. ارتفع مؤشر "إس آند بي 500"، الذي تغذيه في الغالب شركات التكنولوجيا، بنسبة 27% حتى الآن في 2024، ويتوقع الاستراتيجيون الذين استطلعت بلومبرغ آراءهم أنه سيتفوق على نظرائه الأوروبيين مجدداً في 2025.
وعلى الجانب الآخر، فإن تأخر بقية الأسهم إلى حد كبير عن عمالقة التكنولوجيا كان مصدر قلق متزايد للبعض في وول ستريت.
أسهم التكنولوجيا تحلّق منفردة
قال توم إيساي، مؤسس "ذا سيفنز ربورت" (The Sevens Report): "لقد ذكّرت أسهم شركات التكنولوجيا المستثمرين خلال الأسبوع الماضي بأن أداء الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية لن يتراجع في أي وقت قريب". ومع ذلك، فإن "قوة التكنولوجيا غطت على الأداء المتوسط لبقية السوق".
أشار تحليل أجرته مجموعة "بيسبوك انفستمنت غروب" (Bespoke Investment Group) إلى أن عدد الأسهم الصاعدة في مؤشر "إس آند بي 500" لم تتفوق على عدد الأسهم الهابطة في أي جلسة واحدة في ديسمبر. وبحسب حساباتهم، فإن هذه أطول سلسلة متواصلة منذ أكثر من 20 عاماً.
ارتفع ما يزيد قليلاً عن ثلث عدد الأسهم في المؤشر المرجعي يوم الجمعة، بينما انخفضت الغالبية العظمى. كما هبطت النسخة متساوية الأوزان من مؤشر "إس آند بي 500".
خفض "متشدد" للفائدة
زادت أكبر سوق للسندات في العالم من تراجعها، لتتجه سندات الخزانة الأميركية لتكبد أسوأ أسبوع لها منذ أكثر من شهرين. وارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.40%.
كتب إيان لينجن من "بي إم أو" (BMO) للعملاء يوم الخميس: "السوق مستعدة لتحرك آخر من بنك الاحتياطي الفيدرالي والذي من المرجح أن يُوصف بأنه خفض متشدد".
بعد سلسلة من البيانات المتضاربة هذا الأسبوع -بما في ذلك تسارع تضخم أسعار الجملة، ومطالبات بطالة أعلى من المتوقع- قلص تجار المقايضة الرهانات على تيسير الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية. ويتوقعون الآن خفض الفائدة 25 نقطة أساس ثلاث مرات على مدى الـ12 شهراً القادمة، بعد أن كانوا يرون احتمالاً يفوق 50% لخفض رابع للفائدة منذ أسبوع.
يرى كريشنا جوها من "إيفر كور" أن توقعات البنك المركزي الأميركي التي تتضمن ثلاث تخفيضات للفائدة لا تشمل بشكل كامل "صدمات ترمب". مضيفاً: "مما يعني ضمناً أن متوسط التوقعات يمكن أن يكون في الواقع خفضين على أساس محدد للسوق بالكامل".
وأوضح المسؤول السابق لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك: "البنك المركزي الأميركي يتبنى نهجاً يمنحه قدرة عالية على الاختيار حول خط أساس يسعى إلى الحفاظ على السياسة النقدية في وضع جيد ديناميكياً مع الانتقال إلى فترة ترمب التي تتميز بعدم اليقين المرتفع".
مكاسب الدولار الأميركي
وفي أسواق العملات، استقر سعر صرف الدولار مقابل سلة من العملات، لكنه في طريقه لتحقيق مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي.
يتوقع تيموثي غراف، رئيس الاستراتيجية الكلية لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة "ستيت ستريت غلوبال ماركتس"، تحقيق الدولار المزيد من المكاسب، مشيراً إلى أن دورة التيسير النقدي قد تكون قصيرة مقارنة بأوروبا، بسبب النمو الاقتصادي الضعيف. لا تتوقع أسواق المقايضة خفضاً من بنك إنجلترا في اجتماع الأسبوع المقبل، رغم البيانات الضعيفة يوم الجمعة.
وتراجع الجنيه الإسترليني بعد انكماش الاقتصاد البريطاني بشكل غير متوقع للشهر الثاني على التوالي في أكتوبر. ارتفع اليورو بعد أن بدا البنك المركزي الأوروبي أقل ميلاً للتيسير النقدي مقارنة بما توقعه البعض بعد إعلان قرار الفائدة يوم الخميس، مما أجبر المتداولين على تقليص رهانات تيسير السياسة النقدية للعام المقبل.
وفي وقت سابق، انخفضت مؤشرات الأسهم الآسيوية، حيث تعهد اجتماع اقتصادي رئيسي في الصين بتنشيط الاستهلاك لكنه فشل في تقديم تفاصيل حول التحفيز المالي. من المتوقع أن يسجل مؤشر الأسهم العالمية أسوأ أسبوع له منذ ما يقرب من شهر.
قالت بياتا مانثي، رئيسة استراتيجية الأسهم الأوروبية في "سيتي غروب"، عن الإعلانات الواردة من الصين: "كان تدفق الأخبار مخيباً للآمال"، و"الأسواق تريد أرقاماً.. لم نحصل على الأرقام".
ومع ذلك، تراجعت عائدات السندات الحكومية الصينية لأجل 10 سنوات إلى ما دون 1.8% للمرة الأولى في التاريخ، حيث تعهدت السلطات بخفض أسعار الفائدة ونسب الاحتياطي الإلزامي لدى البنوك. وقال استراتيجيون في "بنك أوف أميركا" إن المستثمرين ضخوا أيضاً 5.6 مليار دولار في صناديق الأسهم الصينية خلال الأسبوع الماضي، وأرجعوا التدفقات إلى تعهدات تيسير السياسة النقدية.
ارتفعت أسعار النفط متجاوزة مستوى 71 دولاراً للبرميل، ليصعد سعر خام غرب تكساس الوسيط 6% تقريباً هذا الأسبوع وسط احتمالات فرض عقوبات أميركية أكثر صرامة على إيران وروسيا.