ليام دينينغ: شركات النفط هي التحوّط المنتظر من انهيار أسهم التكنولوجيا

شاشة تظهر شعار مؤشر "إس بي إكس" متجاوزاً 5000 نقطة على أرضية بورصة نيويورك للأسهم، بأميركا، بتاريخ 9 فبراير - المصدر: بلومبرغ
شاشة تظهر شعار مؤشر "إس بي إكس" متجاوزاً 5000 نقطة على أرضية بورصة نيويورك للأسهم، بأميركا، بتاريخ 9 فبراير - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

كان الأربعاء الموافق 17 مايو 1995، يوماً تاريخياً لأسهم الطاقة. لا يعني ذلك أنها ارتفعت بشكل تاريخي، بل كانت - مثل أسعار النفط عند 20 دولاراً للبرميل- مستقرة.

الحدث كان في مكان آخر، إذ تجاوزت أسعار أسهم التكنولوجيا وزن قطاع الطاقة في مؤشر "إس آند بي 500" للمرة الأولى في ذلك اليوم.

أشارت "بلومبرغ نيوز" إلى ارتفاع مؤشر "ناسداك" مقابل انخفاض مؤشر "داو جونز"، وأرجعت ذلك إلى الأرباح الكبيرة التي حققتها شركة تصنيع معدات الرقائق "أبلايد ماتيريالز" (.Applied Materials Inc)، فيما ظهرت شركة "نتسكيب كوميونيكشنز" (Netscape Communications Corp) في سوق الأسهم لأول مرة، وقد كان الاحتفال بظهور شركات الإنترنت، على بُعد شهر واحد فقط.

التاريخ يعيد نفسه مجدداً. فاليوم، أدت موجة من الشغف بالثورة القادمة، المتمثلة في الذكاء الاصطناعي، إلى تحويل مؤشر "إس آند بي 500" إلى "إس آند بي 5000" (مجازياً) . أصبحت القيمة السوقية لشركة "إنفيديا" (.Nvidia Corp)، وهي القوة العظمى في مجال أشباه الموصلات، وحدها الآن أكبر من قطاع الطاقة بأكمله.

وبعد عام 1996، لم تتراجع التكنولوجيا أبداً عن ترتيب الطاقة مرة أخرى.

اقرأ أيضاً: "إنفيديا" تتفوق على "أمازون" من حيث القيمة السوقية

التفاصيل مهمة

الروايات بشأن عصر المعلومات التي تحل محل العصر الصناعي تكتب نفسها بنفسها، لكن التفاصيل مهمة. سقطت أسهم الطاقة من اهتمامات المستثمرين، حتى على الرغم من بروز الولايات المتحدة مرة أخرى كأكبر منتج للنفط والغاز في العالم، وتجاوز الطلب العالمي على النفط 100 مليون برميل يومياً.

يرجع هذا التناقض الظاهري إلى حد كبير إلى الطفرة للنفط الصخري. كرد فعل على ذلك، أمضت الصناعة السنوات العديدة الماضية في إثبات قدرتها على إعطاء الأولوية لأرباح الأسهم وعمليات إعادة الشراء. سجلت مدفوعات العام الماضي رقماً قياسياً جديداً.

ما هو أفضل جزء من إعادة شراء شركات النفط الكبرى الأسهم، والتي وصلت قيمتها إلى نصف تريليون دولار؟ التأني، لكن ليس الشغف. هناك شركة أو شركتان من الشركات البارزة، وفي مقدمتها "كونوكو فيليبس" التي تخطت بالفعل مؤشر "إس آند بي 500" منذ نهاية عام 2018. بشكل عام، على الرغم من ذلك، تُتداول هذه الأسهم حالياً بمضاعفات أقل بشكل ملحوظ مما كانت عليه قبل الجائحة.

بول سانكي، المحلل المخضرم في "وول ستريت"، والذي يدير حالياً شركة "سانكي ريسيرش" (.Sankey Research LLC)، يتتبع حصة قطاع أسهم شركات الطاقة من أرباح مؤشر "إس آند بي 500" المتوقعة، إلى جانب وزنها في المؤشر. في نهاية عام 2019، كان معدلهما عند 4% تقريباً. واليوم، قفزت حصة الطاقة من الأرباح إلى ما يقرب من 7%، لكن وزنها في المؤشر أصبح أقل من 4%.

آخر مرة رأينا فيها فجوة كهذه كانت في الفترة التي سبقت عام 2014، وهو أمر منطقي. كان سعر النفط أعلى من 100 دولار للبرميل، واتجه نحو الانخفاض، وجرف الأرباح في طريقه. بالإضافة إلى ذلك، كانت الشركات تبالغ في الإنفاق. واليوم، لا يبدو سعر النفط عند حوالي 80 دولاراً أعلى من مستواه، فيما نرى أن الصناعة تمنح المال بدل أن تحرقه.

اقرأ أيضاً: توزيعات الأرباح تدفع أسهم الطاقة للتوهج في 2023

إعادة الاستثمار

ربما يعتقد المستثمرون، الذين يرون أن ذروة الطلب على النفط (أو الغاز) لم تصل بعد، أن الشركات الكبرى يجب أن تعيد الاستثمار أكثر قليلاً الآن بعد أن شعرت بالندم. وقد لاقت الصفقات في التوقيت المناسب، وخاصة صفقة استحواذ "كونوكو" في خضم الجائحة على شركة "كونشو ريسورسز" (Concho Resources Inc)، إشادة كبيرة، كما حدث بالنسبة إلى استحواذ شركة "دياموندباك إنرجي" (Diamondback Energy Inc) على شركة "إنديفر إنرجي ريسورسز" (Endeavour Energy Resources LP) بقيمة 26 مليار دولار خلال الشهر الجاري.

مع ذلك، فإن الأضرار التي خلفتها طفرة الإنفاق الأخيرة لا تزال قائمة. طغى مبلغ الإنفاق الرأسمالي الأعلى من المتوقع لشركة "إكسون موبيل" عن الربع الرابع على النتائج القوية مؤخراً. وفي الوقت نفسه، اقترنت الصفقة الكبيرة لـ"دياموندباك" مع زيادة الأرباح بنسبة 7%، وخفض مبدئي لميزانيات النفقات الرأسمالية المجمعة بنسبة 10%-20% تقريباً.

بدلاً من أن تستهوي أسهم النفط مرة أخرى المستثمرين، فإن هذا المزيج من عمليات إعادة الشراء الكبيرة والمضاعفات الثابتة، يشبه شكلاً من أشكال اللامبالاة مدفوعة الأجر. الازدهار في عمليات الاندماج والاستحواذ يشبه إلى حد كبير الترشيد المتأخر لصناعة تضم عدداً كبيراً للغاية من المسؤولين التنفيذيين، أكثر من كونه مجرد تدافع متفائل نحو اقتناء الأصول.

ومع تحول شعار الانضباط إلى عقيدة، تظل المحفزات المتفائلة بصعود الأسهم بعيدة المنال.

اقرأ أيضاً: بلاك روك ترى أسهم الطاقة نقطة مضيئة في سوق متدهورة

تخفيضات الإمدادات تدعم أسعار النفط

دعمت تخفيضات الإمدادات التي تقودها المملكة العربية السعودية أسعار النفط، ولكنها بحكم التعريف، تخلق فائضاً من الطاقة الإضافية التي تنتظر سقف الارتفاعات.

يبدو أن أسواق النفط والغاز استوعبت أيضاً الصدمة الأولية التي خلفها الغزو الروسي لأوكرانيا، ويبدو أنها لم تتضرر جراء تصاعد أحداث العنف في الشرق الأوسط.

استأنفت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة حالة السُّبات المعتادة، حتى في الوقت الذي يلقي فيه البيت الأبيض بظلال من الشك على حجم الصادرات المستقبلية.

بالتزامن مع هذه التطورات، ففي حين أن المزاج العام تجاه تحوّل الطاقة أصبح خافتاً إلى حد ما في الآونة الأخيرة، فإن الاستثمارات في التكنولوجيا النظيفة لا تزال آخذة في الارتفاع، ولا تزال السياسة داعمة، وحتى لو كانت شركة "تسلا" تبدو أقل تألقاً هذه الأيام، فمن المستحيل تجاهل مبيعات السيارات الكهربائية المزدهرة في الصين.

قبل كل شيء، استحوذت أسهم شركات النمو السبع (شركات التكنولوجيا الكبرى) الأكثر تألقاً على معظم الاهتمام. قطاع التكنولوجيا لا يحقق النمو فحسب، بل إنه الآن، على النقيض من فقاعة أواخر التسعينيات، يتيح عوائد كبيرة خاصة به.

عندما كشفت شركة "ميتا بلاتفورمز" (.Meta Platforms Inc) مؤخراً عن إعادة شراء بقيمة 50 مليار دولار وتوزيعات أرباح جديدة، وصلت مكاسب الأسهم في يوم واحد إلى 197 مليار دولار، وهي الأكبر على الإطلاق، وتساوي أكثر من القيمة السوقية لشركتي "كونوكو" و"أوكسيدنتال بتروليوم" مجتمعتين.

عند 30% من القيمة السوقية لمؤشر "إس آند بي 500" ولكن حوالى 20% فقط من الأرباح المتوقعة، يبلغ وزن قطاع التكنولوجيا الآن ما يقرب من ثمانية أضعاف وزن قطاع الطاقة، وهي فجوة أوسع حتى مما كانت عليه في ذروة فقاعة التكنولوجيا قبل 24 عاماً.

اقرأ أيضاً: هوس أسهم التكنولوجيا الأميركية يحتدم.. ومؤشر "S&P 500" يتجاوز مستوى 5000 نقطة

انهيار تكنولوجي آخر

بالطريقة نفسها التي هزت بها الحرب أسهم الطاقة قبل عامين، فقد تحتاج إلى صدمة خارجية أخرى للخروج من حالة النسيان، وهو ما يتمثل على وجه التحديد في انهيار تكنولوجي آخر.

من المستحيل تحديد توقيت ذلك؛ إذ إن الذكاء الاصطناعي بلا ملامح محددة بعد، ومن المحتمل أن يكون ثورياً لدرجة أن الرهان عليه، أو حتى على شركات معينة فقط، ليس مناسباً لضعاف القلوب.

بقدر ما يكون تحديد مصير المرء بقوى خارجية أمراً مزعجاً، فقد يضطر قطاع الطاقة ببساطة إلى قبول وضعه باعتباره وسيلة للتحوط ضد ذلك اليوم القادم (فضلاً عن أي حروب أخرى قد تندلع).

يشير بول سانكي إلى مفارقة معينة هنا، وهي أن مراكز البيانات التي تدعم الذكاء الاصطناعي تستنزف الطاقة، مما يؤدي إلى زيادات كبيرة في توقعات استهلاك الكهرباء في الولايات المتحدة.

طلب هذه المراكز على الطاقة الدائمة يمكن أن يوفر بعض الراحة لسوق الغاز، على الأقل، أو أن تظهر عقبات أمام التطوير، مما يعطل صعود التكنولوجيا.

يلخص سانكي ذلك فيما يلي: "لا يمكن أن تكون مشترياً لأسهم الذكاء الاصطناعي، بينما تبيع أسهم الطاقة بشكل مستدام، لكن السوق كذلك على أي حال". قطاع الطاقة، الذي ينشغل بتعزيز نفسه إلى أن تتحول المعنويات، يُترك للسرعة والانتظار.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك