أهم رقم هذا الأسبوع هو 80 دولاراً

أسعار النفط الحالي لا تعني عودة كساد السبعينيات - المصدر: بلومبرغ
أسعار النفط الحالي لا تعني عودة كساد السبعينيات - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

عادت الكلمة الطنانة إلى "وول ستريت": "الكساد". إنه مزيج نادر من التضخم المرتفع والنمو الاقتصادي المنخفض. كان منتصف السبعينات آخر مرة شهدت فيها الدولة كساداً، عندما قررت منظمة "أوبك" حظر بيع النفط للولايات المتحدة، ما تسبب في ارتفاع الأسعار أربعة أضعاف ليصل سعر البرميل إلى حوالي 12 دولاراً. كانت صدمة لم يستطع المستهلكون التعامل معها، ما دفع الاقتصاد إلى الركود.

رغم عدم وجود حظر الآن، فقد تسببت الاضطرابات بسبب الوباء العالمي في تقلص الإمدادات، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بسرعة مع انفتاح الاقتصادات مرة أخرى. وصل خام غرب تكساس الوسيط إلى 80 دولاراً للبرميل يوم الجمعة للمرة الأولى منذ عام 2014.

إن ما يثير القلق هو أن أسعار النفط قد تضاعفت الآن على مدار الاثني عشر شهراً الماضية، وهو أمر تقول عنه شركة "داتا تريك ريسيرش" (DataTrek Research) إنه سبق كل تراجع اقتصادي في الولايات المتحدة منذ عام 1970.

لذلك فإن البريد الإلكتروني للمستثمرين غارق في التقارير البحثية من المحللين، والتي تحمل عناوين رئيسية مثل "هل ستترجم أسعار الطاقة إلى كساد؟"، و "الارتفاع الصاروخي في أسعار الطاقة يعيد ذكريات السبعينات السيئة"، و "هل الكساد البسيط هو بداية شيء أكثر خطورة؟".

أعتقد أنه يجب طرح الأسئلة، لكن الإجابات واضحة جداً: على الأرجح لا. لا شك أن ارتفاع أسعار الطاقة سوف يكون مؤلماً. ارتفع متوسط سعر غالون البنزين العادي بنسبة 45% هذا العام إلى 3.26 دولار للغالون. و ارتفعت العقود الآجلة في الغاز الطبيعي بنسبة 128% منذ أوائل أبريل، كما ارتفع وقود التدفئة بنسبة 69% في عام 2021.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

أكثر استعداداً

لكن من الواضح أن المستهلكين والاقتصاد بشكل عام أكثر استعداداً لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة مما كانوا عليه في السبعينات، حتى مع حوالي 5 ملايين أمريكي تقريباً ممن فقدوا وظائفهم في بداية الوباء ولم يعودوا إلى القوة العاملة. فمن جهة، تشكل الطاقة نسبة مئوية أقل من نفقات المنزل، ويشكل وقود السيارات ووقود التدفئة والكهرباء والغاز الطبيعي 4.3% من الدخل المتاح، بانخفاض من أكثر من 7% في السبعينات، وفقاً للبيانات التي جمعها زميلي ليام دينينغ في "رأي بلومبرغ".

ويتمتع المستهلكون بمجال أكبر هذه الأيام عندما يتعلق الأمر بنفقاتهم. و تُظهر بيانات الاحتياطي الفيدرالي أن الأسر تنفق رقماً قياسياً منخفضاً يبلغ 8.23% من الدخل المتاح لخدمة الديون، مقارنةً بأكثر من 10% في الثمانينيات.

رغم انتهاء شيكات التحفيز من الحكومية الفيدرالية، وإعانات البطالة الطارئة أيضاً، فإن المستهلكين لديهم الكثير من المدخرات التي يمكن استغلالها. و يبلغ إجمالي هذا المخزون أكثر من 2 تريليون دولار، وفقاً لـ"بلومبرغ إيكونوميكس"، وكما ذكرت "بلومبرغ إن إي إف"، فإن حركة المرور على الطرق ما زالت صامدة رغم الارتفاع الحاد في أسعار الوقود ونهاية موسم الذروة الصيفي لقيادة السيارات.

تذكروا أن الاقتصاد والمستهلكين كانوا على ما يرام بين عامي 2010 و2015، عندما بلغ متوسط ​​أسعار النفط أكثر من 100 دولار للبرميل. كتب المحللون الاستراتيجيون في "جيه بي مورغان" في تقرير هذا الأسبوع أن التعديل وفقاً للتضخم وميزانيات المستهلك وإجمالي نفقات النفط والأجور وأسعار الأصول الأخرى مثل الإسكان والأسهم، يمكن أن تعمل أسواق الأسهم والاقتصاد بشكل جيد، حتى لو ارتفع النفط إلى سعر يتراوح بين 130 دولاراً و150 دولاراً للبرميل.

إنهم في الواقع يجادلون بأن النفط رخيص عند 80 دولاراً للبرميل، إن أخذنا بعين الاعتبار أن جميع فئات الأصول الرئيسية - السندات والأسهم والعقارات وما إلى ذلك – قد زادت بحوالي 50% أو أكثر خلال العقد الماضي، في حين انخفض النفط بنسبة 25%. وإليكم كيف لخصوا وجهات نظرهم:

أصبحت الميزانيات العمومية للمستهلكين الآن في وضع قوي ولن تؤدي إعادة توجيه بعض النفقات نحو الطاقة إلى انتكاسة في الاقتصاد وأسواق الأسهم. عند الحد الأدنى من نطاق الدخل، يمكن أن يمثل الضغط المحتمل الناجم عن ارتفاع أسعار الغاز مشكلة، ولكن يمكن معالجتها بسهولة بجزء صغير من خطط التحفيز الحالية.

استيعاب الدرس

تعلمت الولايات المتحدة والعالم الكثير من صدمة النفط في السبعينات. كان الدرس الرئيسي هو أن الوقت قد حان لتقليل اعتماد الاقتصاد على الوقود الأحفوري. رغم أن هذا التحول كان بطيئاً، إلا أنه يحدث فعلاً. أشارت "هورايزن إنفيستمنت" (Horizon Investments) في تقريرها "الرقم الكبير" (Big Number) هذا الأسبوع إلى أن "كثافة استخدام الطاقة" من الناتج المحلي الإجمالي هي نصف ما كانت عليه في السبعينات. وأضافت نقلاً عن بيانات من مركز سياسة الطاقة العالمية التابع لجامعة كولومبيا، أن إنتاج 1,000 دولار من الناتج المحلي الإجمالي العالمي يتطلب 0.43 برميلاً من النفط، مقارنةً بحوالي برميل واحد من النفط لإنتاج الكمية نفسها في عام 1973.

كما يساعد على الأمر أن الولايات المتحدة لم تعد مصدراً صافياً للطاقة الآن فحسب، لكنها أيضاً خزنت كمية هائلة من النفط في احتياطي البترول الاستراتيجي. إن مجرد التكهنات بأن البيت الأبيض قد يستغل تلك الاحتياطيات لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة أدى إلى انخفاض أسعار النفط الخام بنسبة 2.7% يوم الأربعاء الماضي. بالتأكيد، يمر الاقتصاد بمستوى معين من الكساد، ولكن ليس كما حدث في الأيام المظلمة في السبعينات.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

فى هذا المقال