من المرجح أن ينمو اقتصاد الصين بوتيرة أبطأ مما تشير إليه الأرقام الرسمية، فيما يُرجح أن معدل النمو البالغ حوالي 3% إلى 4% هو أكثر التوقعات واقعية للسنوات القادمة، وفقاً لما ذكره خبير اقتصادي صيني بارز.
جاءت هذه التصريحات، الصادرة يوم الخميس عن غاو شانوين، كبير الاقتصاديين في شركة "سيديك سيكيوريتيز" (SDIC Securities)، والذي قدم سابقاً المشورة للجهات التنظيمية وكبار المسؤولين في البلاد، في وقت يُشير فيه صناع السياسات في بكين إلى زيادة الاقتراض والإنفاق العام في عام 2025، مع تحول تركيز السياسات نحو الاستهلاك.
حظي غاو باهتمام كبير في وقت سابق من هذا الشهر، بتقييمه أن الشباب الصينيين يستنزفون قوة الاستهلاك نتيجة الخسائر الكبيرة في الوظائف، وهي تصريحات انتشرت على نطاق واسع. وقال يوم الخميس إن البيانات الصينية الرسمية ربما تبالغ في وتيرة النمو الاقتصادي.
أضاف غاو في حدث استضافه "معهد بيترسون للاقتصاد الدولي" في واشنطن: "لا نعرف الرقم الحقيقي لمعدل النمو في الصين، وربما أرقام أخرى أيضاً". وأشار إلى أن الكثير من الناس يتكهنون بأنه "بعد الجائحة، ربما لم تعد هذه الأرقام دقيقة للغاية".
أرقام غير موثوقة
لسنوات، كانت أرقام الناتج المحلي الإجمالي في الصين تُعتبر غير موثوقة، وهو أمر أقر به المكتب الوطني للإحصاء في عام 2019، عندما قال إن الوضع قد تحسن. حتى أن أحد رؤساء الوزراء السابقين اشتهر باستخدام مقياسه الخاص للنمو. وتعكس تعليقات غاو أن هناك ربما مشكلات مستمرة في هذا الصدد.
تُظهر البيانات الرسمية أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم نما بنسبة 5.2% العام الماضي، ومن المتوقع أن يحقق هدف النمو الذي حددته بكين والبالغ حوالي 5% هذا العام، على الرغم من استمرار أزمة قطاع العقارات وضعف الاستهلاك، مما يضغط على مستويات الطلب.
وقال غاو: "تكهني الشخصي هو أنه خلال العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، ربما كان الرقم الحقيقي لمعدل النمو في المتوسط حوالي 2%، رغم أن الرقم الرسمي يقترب من 5%".
وأضاف: "إذا كان تكهني صحيحاً، أعتقد أنه من المعقول أن نتوقع معدل نمو بين 3% و4% خلال السنوات القادمة، أي من ثلاث إلى خمس سنوات، لكننا نعلم أن الرقم الرسمي سيكون دائماً حول 5%".
هدف دعم الاستهلاك
في مسعى لتعزيز النمو، أشار المسؤولون بقيادة الرئيس شي جين بينغ إلى أنهم سيرفعون هدف العجز المالي العام المقبل. وللمرة الثانية فقط في العقد الماضي على الأقل، جعلوا "دعم الاستهلاك بقوة" وتحفيز الطلب المحلي الشامل على رأس أولوياتهم، وفقاً لإعلان صدر بعد اجتماع استمر يومين لمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين.
تعهد المسؤولون أيضاً بتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي من خلال وعود واسعة لدعم الرعاية الصحية ومعاشات التقاعد. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن هدف النمو لعام 2025 في شهر مارس خلال انعقاد المؤتمر الوطني الشعبي.
وفي تصريحاته، قال غاو إن النمو لا يزال يتأثر بأزمة قطاع العقارات وأزمة ديون الحكومات المحلية، وهو ما سيحتاج إلى إصلاحات عميقة. وأضاف: "مهمة إصلاح أنظمة الظل المصرفية والمالية تبدو بالتأكيد شاقة للغاية".