خرجت الإمارات العربية المتحدة من "القائمة الرمادية" التابعة لهيئة رقابية عالمية، وذلك بعد حملة ضيقت الخناق على التدفقات المالية غير المشروعة العابرة للدولة الخليجية الغنية بالنفط.
وقالت "مجموعة العمل المالي" (فاتف) المعنية بمراقبة الجرائم الدولية في بيان اليوم الجمعة إن دولة الإمارات العربية المتحدة لم تعد خاضعة لعملية المراقبة المتزايدة التي تقوم بها المجموعة ورحبت بالتقدم الكبير الذي أحرزته البلاد في تحسين نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ مشيرة إلى الخطوات التي اتخذتها الإمارات لتعزيز فعالية نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب للوفاء بالالتزامات الواردة في خطة عملها فيما يتعلق بأوجه القصور الاستراتيجية التي حددتها "مجموعة العمل المالي" في فبراير 2022.
وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي رئيس اللجنة العليا المشرفة على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إن بلاده ستواصل "العمل وبشكل متضافر وتكاملي مع الشركاء الدوليين والمنظمات والهيئات المعنية لتعزيز مكانتها في النظام المالي عبر مواكبة مستجدات هذا القطاع، وتطوير التشريعات، وتعزيز القاعدة القانونية والرقابية، وتفعيل الجهود الجماعية على النطاق الدولي لمكافحة الجريمة المالية"، وفق وكالة أنباء الإمارات (وام).
تقييم يتطلب وقتاً
ينبغي لنا أن ندرك بأن المجتمع الدولي قد لا يُعيد فوراً تقييم طريقة تعامله مع الإمارات؛ فمن المتوقع أن تستغرق المؤسسات الأجنبية وقتاً لتحديث إجراءاتها ضد غسل الأموال وتمويل وتمويل الإرهاب، ما قد يعني تأخير الاستفادة الكاملة من رفع اسم البلد من القائمة لفترة، بحسب ما كتب محمد داوود من (Moody’s Analytics) في رسالة عبر البريد الإلكتروني.
اعتبر داوود أن القرار يبشر بتعزيز الثقة في النظام المالي الإماراتي، ويمهد الطريق نحو تعاملات أكثر سلاسة بالعملة الأجنبية، وتقليل الرسوم البنكية، وتوسيع آفاق التجارة والاستثمار. لكن، رغم الإنجاز الهام بالخروج من القائمة الرمادية، تظل مكافحة الجرائم المالية مسؤولية مستمرة للإمارات، خاصة في ضوء التقييمات القادمة من مجموعة العمل المالي في 2026.
من شأن رفع الإمارات من القائمة إعطاء إشارة إلى التحسن السريع الذي حققته الدولة منذ عامين. أشار تحقيق نشرته "بلومبرغ" حينها إلى مكانة دبي باعتبارها وجهة لعدد من أغنى أثرياء العالم المنفيين. فبعد غزو أوكرانيا، أصبحت الإمارات واحدة من 3 دول في الشرق الأوسط، التي جذبت بقوة الأثرياء الروس. وقد ساعد ذلك في تجنب الدولة الخليجية الآثار الاقتصادية المشابهة لتلك التي حدثت في بعض الدول الأخرى المُدرجة على القائمة الرمادية.
عملت البنوك الإماراتية على تشديد التدقيق في معاملات مواطنين من عدة جنسيات، من بينهم الروس، وذلك ضمن الجهود التي بذلتها الحكومة بهدف الرفع من القائمة.
كما شُددت الرقابة على تحويلات الأموال، سواء كانت من شركات تعيد الأموال إلى روسيا أو تنقلها إلى دولة ثالثة، وفق ما كشفته "بلومبرغ" في نوفمبر الماضي. وقد طالبت بعض البنوك بمزيد من المستندات، وجمدت الأموال في بعض الأحيان، في إطار بحثها عن أسباب التحويلات أو استفسارها عن مصدر تلك الأموال.
وقالت الحكومة إنها فرضت غرامات مرتبطة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بلغت نحو 250 مليون درهم (69 مليون دولار) خلال الفترة ما بين شهري يناير وأكتوبر 2023، ويمثل هذا المبلغ زيادة بأكثر من 3 أضعاف الغرامات المفروضة في العام السابق.
من المفترض أن يلاقي رفع الإمارات من القائمة الرمادية ترحيباً من البنوك الأميركية على وجه الخصوص، خصوصاً أن العديد منها يقوم بعمليات كبيرة داخل الدولة، وعانت تلك البنوك في ظل زيادة تكاليف الامتثال منذ الإدراج على القائمة، ما اضطر بعضها إلى إسناد مزيد من العمليات إلى الهند.
خطوات طبقتها الإمارات للخروج من القائمة وفق "فاتف":
(1) زيادة طلبات المساعدة القانونية المتبادلة الصادرة لتسهيل التحقيقات في غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
(2) تحسين فهم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب لدى الجهات الرقابية على الأعمال والمهن غير المالية المحددة، وتطبيق عقوبات فعالة ومتناسبة على عدم الالتزام بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الذي يشمل المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة، وزيادة تقديم تقارير المعاملات المشبوهة لتلك القطاعات.
(3) تطوير فهم أفضل لمخاطر إساءة معاملة الأشخاص الاعتباريين وتنفيذ تدابير التخفيف القائمة على المخاطر لمنع إساءة معاملتهم.
(4) توفير موارد إضافية لوحدة المعلومات المالية لزيادة قدرتها على توفير المعلومات المالية إلى هيئة إنفاذ القانون والاستفادة بشكل أكبر من المعلومات المالية، بما في ذلك المعلومات الواردة من نظيراتها الأجنبية، لملاحقة تهديدات غسل الأموال عالية المخاطر.
(5) زيادة التحقيقات والملاحقات القضائية في جرائم غسل الأموال.
(6) ضمان التنفيذ الفعال للعقوبات المالية المستهدفة من خلال فرض عقوبات على عدم الامتثال بين الكيانات المبلغة، وإظهار فهم أفضل للتهرب من عقوبات الأمم المتحدة بين القطاع الخاص.