أضاف الاقتصاد الأميركي وظائف أكثر مما كان متوقعاً في أكتوبر فيما ارتفعت الأجور بقوة، ما يؤكد متانة سوق العمل على الرغم من الجهود الحثيثة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لتهدئتها.
أظهر تقرير وزارة العمل الأميركية اليوم الجمعة أن الوظائف غير الزراعية زادت 261 ألفاً الشهر الماضي مقارنة بالمكاسب المعدّلة بالزيادة البالغة 315 ألف وظيفة في سبتمبر. ارتفع معدل البطالة إلى 3.7% في ظل انخفاض المشاركة، بينما تجاوز متوسط الدخل في الساعة التوقعات.
رجّح أوسط التقديرات في استطلاع أجرته بلومبرغ للاقتصاديين بلوغ عدد الوظائف بكشوف المرتبات 193 ألف وظيفة، وأن يرتفع معدل البطالة إلى 3.6%.
اتسمت مكاسب الوظائف بكونها واسعة النطاق نسبياً، بقيادة بضع الفئات مثل الرعاية الصحية والخدمات المهنية والتجارية والتصنيع.
يشير التقرير إلى أن الطلب على العمال لا يزال قوياً على الرغم من الزيادات السريعة في أسعار الفائدة والتوقعات الاقتصادية القاتمة. ورغم ارتفاع تسريح العمال، إلا أن معدل البطالة ما يزال منخفضاً تاريخياً. وقد أدت المنافسة لملء الملايين من الوظائف الشاغرة إلى تحقيق مكاسب سريعة في الأجور.
في حين أن هذه البيانات تساعد في دعم الإنفاق الاستهلاكي-محرك الاقتصاد- إلا أنها تزيد صعوبة مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لتهدئة التضخم ويشير إلى أن البنك المركزي سيواصل حملته الحازمة لتشديد السياسات النقدية في الأشهر المقبلة.
أكد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أكثر من مرة أنه من أجل تحقيق هدفهم لكبح التضخم، فإنهم بحاجة إلى تحقيق توازن أكبر بين عرض العمالة والطلب. وقال رئيس البنك جيروم باول، بعد أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس أخرى يوم الأربعاء، إن ظروف سوق العمل لم تنخفض بعد بطريقة "واضحة".
ارتفعت عوائد سندات الخزانة، في حين ظلت العقود الآجلة لمؤشر "ستاندرد أند بورز 500" مرتفعة، وانخفض الدولار بشكل طفيف. ما يزال المتعاملون يأملون في تهدئة الاحتياطي الفيدرالي وتيرة تشديد السياسة النقدية، بحيث يرفع أسعار الفائدة 50 نقطة أساس في ديسمبر.
تشديد نقدي عنيف
بالنظر إلى المستقبل، من المقرر أن يؤثر أعنف تشديد للسياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي منذ الثمانينات على التوظيف. بينما وصف باول سوق العمل بأنها "قوية جداً"، قال أيضاً إن الأمر سيستغرق وقتاً حتى تنعكس أسعار الفائدة المرتفعة على الاقتصاد. وأعرب باول عن أمله في أن يتحقق ذلك بشكل رئيسي من خلال انخفاض عدد الوظائف الشاغرة بدلاً من فقدان الوظائف بشكل مباشر.
وتُعتبر هذه البيانات آخر تقرير اقتصادي مميز قبل انتخابات التجديد النصفي الأسبوع المقبل. يُصنف الاقتصاد باستمرار ضمن أولويات الناخبين في هذه الدورة، ومن المرجح أن يكون عاملاً رئيسياً في ما إذا كان الجمهوريون سيسيطرون على مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو كليهما. ويواصل الرئيس الأميركي جو بايدن التأكيد على قوة سوق العمل في محاولة لإظهار أن الاقتصاد لا يزال يستند على أساس قوي على الرغم من ارتفاع التضخم لعقود، والركود المحتمل الذي يلوح في الأفق.
أظهر تقرير يوم الجمعة أن متوسط الدخل في الساعة ارتفع 0.4% مقارنة بشهر سبتمبر، وفي الوقت نفسه صعد بنسبة 4.7% مقارنة بالعام السابق. ومع ذلك، فإن أجور العديد من العمال لا تواكب التضخم، وهو الأمر الذي بدأ يؤثر على سلوك المستهلكين.
صمد الأميركيون حتى الآن إلى حد كبير في مواجهة التضخم المرتفع بشكل مستمر، لكن بات العديد من العائلات تُرشّد نفقاتها. شهدت شركات بطاقات الائتمان بما في ذلك "ماستركارد" و"فيزا" بطء الإنفاق في الربع الأخير، وتتوقع "أمازون" تحقيق أبطأ نمو ربع سنوي في تاريخها.
باتت قطاعات مثل التكنولوجيا والعقارات، الأكثر حساسية لزيادة أسعار الفائدة، تشعر بالفعل بآثار سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي النقدية الأكثر تشدداً. أوقفت شركة "أبل" التوظيف مؤقتاً للعديد من الوظائف خارج نطاق البحث والتطوير، بينما توقفت "أمازون" بالفعل عن التوظيف لأدوار جديدة على مستوى الشركة. في غضون ذلك، قامت شركتا "أوبن دور تكنولوجيز" (Opendoor Technologies). و "زيلو غروب" (Zillow Group). بتسريح موظفين في ظل الهبوط العميق بقطاع الإسكان.
