التراجع الأخير في قيمة الروبل يفاقم الضغط على بنك روسيا المركزي لرفع سعر الفائدة الأساسي، وربما يكون ذلك بأعلى نسبة منذ بدء الحرب على أوكرانيا.
تراجعت العملة الروسية بنحو 8% مقابل كل من الدولار واليوان منذ 21 نوفمبر، وهو اليوم الذي فرضت فيه الولايات المتحدة عقوبات على حوالي 50 مصرفاً روسياً، وفقاً لبيانات البنك المركزي. من المرجح أن يؤدي هذا التراجع إلى تفاقم التضخم، الذي يواجه البنك المركزي تحديات لكبحه عبر رفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية.
صرح البنك المركزي بأنه مستعد لرفع تكلفة الاقتراض، البالغة حالياً 21%، إلى أي مستوى ضروري لإعادة التضخم إلى مستواه المستهدف عند 4% العام المقبل. ربما يعني ذلك رفعاً جديداً لتصل إلى 25%، وفقاً لتقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس".
قال أليكسي إيساكوف، خبير الاقتصاد الروسي في "بلومبرغ إيكونوميكس": "يواجه البنك المركزي معضلة: هل ينبغي أن يرفع أسعار الفائدة أكثر، رغم أن ذلك يزيد من خطر الركود، أم يقبل بضغط تضخمي أعلى؟ من المرجح أن يختار صناع السياسات الخيار الأول".
الطلب على العملات الأجنبية يرتفع
ارتفع الطلب على العملات الأجنبية في السوق المحلية وسط مخاوف من أن تحد القيود الجديدة بشكل كبير من التدفقات النقدية. في حين حاول المسؤولون التقليل من تأثير انخفاض الروبل، مؤكدين أنه يفيد المصدّرين، إلا أن التضخم الذي يتجاوز الآن ضعف المستوى المستهدف للبنك المركزي قد يجبر واضعي السياسات النقدية على التحرك، على الرغم من الظروف المؤلمة للإقراض.
منذ بداية العام، فقد الروبل 19% من قيمته مقابل الدولار، ما يجعله من بين أسوأ العملات أداءً في الأسواق الناشئة. منذ يونيو، يستخدم البنك المركزي الروسي التعاملات بين البنوك لتحديد سعر الصرف، وذلك بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على بورصة موسكو، ما أدى إلى وقف فوري لتداول الدولار واليورو.
يواجه المصدّرون والمستوردون الروس صعوبات متزايدة في المدفوعات الدولية منذ نهاية 2023، عندما هددت الولايات المتحدة بعقوبات ثانوية على المؤسسات المالية التي تتعامل مع روسيا. قد تؤدي جولات جديدة من القيود إلى تعقيد المعاملات التجارية الخارجية بشكل أكبر، وتقليص الحوافز لدى المصدرين لإعادة السيولة بالعملات الأجنبية إلى روسيا.
في هذا الإطار، أعلن البنك المركزي الروسي مساء الأربعاء أنه سيوقف شراء العملات الأجنبية في السوق المحلية حتى نهاية 2024.
قال يفغيني لوكتيخوف من "برومسفياز بنك" إن هذا القرار قد يخفف من نقص العملات الأجنبية الحالي، لكنه لن يكون كافياً لتحقيق انتعاش حقيقي في الروبل.
تسارع التضخم
تسارع التضخم في روسيا للأسبوع الثالث على التوالي رغم رفع أسعار الفائدة في أكتوبر. أشار البنك في توقعاته الرسمية، التي تم حسابها قبل التراجع الأخير للروبل، إلى أن نمو الأسعار سوف يتراوح بين 8% و8.5% بحلول نهاية 2024. أقر كيريل تريمازوف، مستشار البنك المركزي الروسي، بأن التضخم قد يتجاوز هذا التقدير.
قال إسكندر لوستكو، كبير استراتيجيي الاستثمار في "آي تي آي كابيتال"، إن ضعف الروبل وحده لا يكفي لاتخاذ البنك المركزي خطوات جذرية في ديسمبر، ولفت إلى أنه لا بد من مرور وقت كافٍ منذ آخر زيادة في سعر الفائدة حتى تظهر تأثيراتها في كبح التضخم.
لكن ناتاليا ميلتشاكوفا، المحللة في "فريدوم فاينانس غلوبال" بكازاخستان، ترى خلاف ذلك، إذ أشارت إلى أن التضخم الأسبوعي سيستمر في التسارع وسط ارتفاع الطلب قبل عطلات رأس السنة.
قالت ميلتشاكوفا: "كان رفع سعر الفائدة الأساسي في ديسمبر أمراً لا مفر منه على أي حال، ولكن الآن يجب أن يكون الرفع مضاعفاً على الأقل مقارنة بالزيادة المتوقعة سابقاً بمقدار نقطة مئوية واحدة".
يقدّر البنك المركزي الروسي أن ضعف الروبل يضيف بين 0.5 و0.6 نقطة مئوية إلى التضخم. لكن ثاني أكبر بنك في روسيا، وهو "في تي بي" (VTB)، يرى أن التأثير أكثر خطورة بخمس مرات؛ حيث يؤدي انهيار العملة إلى ضغط تضخمي أكبر مما يتوقعه صناع السياسات النقدية.
نقلت وكالة "إنترفاكس" عن ديميتري بيانوف، النائب الأول لرئيس بنك "في تي بي"، قوله: "قد تؤدي الأحداث الأخيرة إلى مراجعة مسار سعر الفائدة الأساسي في المستقبل"، مضيفاً: "هذا عامل تضخمي قوي".