يُتوقع أن تواصل البنوك الخليجية ربحيتها في 2025 مستفيدةً من مؤشرات جيدة لجودة الأصول ومتانة رأس المال فضلاً عن السيولة الوفيرة في ميزانياتها، وسيكون لخفض أسعار الفائدة تأثير متواضع على أدائها، بحسب تقرير صادر عن وكالة التصنيف الائتماني العالمية "إس آند بي غلوبال ريتينغز".
مع ذلك، فإن التصاعد الحاد غير المتوقع في المخاطر الجيوسياسية أو حدوث انخفاض كبير في أسعار النفط ربما يضغط على الجدارة الائتمانية للبنوك الخليجية.
تشير تقديرات وكالة التصنيف إلى أن أسعار خام برنت ستبلغ في المتوسط 75 دولاراً للبرميل في الربع الأخير من العام الجاري وعلى مدى الفترة بين 2025 و2027، الأمر الذي سيدعم معظم دول الخليج التي ستستفيد أيضاً من تنفيذ مشاريع التحول الاقتصادي في السعودية، وزيادة إنتاج الغاز في قطر، وتطبيق إصلاحات في البحرين وسلطنة عمان، والأداء الجيد للاقتصاد غير النفطي في البحرين والإمارات.
نمو القروض مستمر
من المرتقب أن تواصل بنوك الخليج تعزيز دفاتر إقراضها بدون أن تتسبب في اختلالات على صعيد الاقتصاد الكلي. وسيتراوح معدل نمو الإقراض بين 8% و9% في السعودية، وسيسجل وتيرة متوسطة بين 3% و6% في بقية دول الخليج.
ستظل مؤشرات جودة الأصول مستقرة لدى البنوك الخليجية على مدى الـ12 إلى 24 شهراً القادمة، لكن مع استمرار الضغوط على تلك الأصول في أسواق مثل قطر حيث يظل القطاع العقاري يعاني من فائض المعروض بعد بطولة كأس العالم التي استضافتها البلاد في 2022.
رغم الصدمات المتوالية منذ جائحة كورونا، سيستقر معدل القروض المتعثرة لدى بنوك الخليج في حدود بين 3% و4% بفضل التدابير التي اتخذتها الجهات التنظيمية لإمهال المدينين وشطب القروض المتعثرة القديمة والتحسن الاقتصادي بعد الجائحة، بحسب التقرير. وقد ساعدت الربحية القوية التي حققتها البنوك بعد الجائحة في مواصلة تخصيص مخصصات إضافية، وهو ما خلق ضمانة لمواجهة أي صدمات مستقبلية محتملة.
خفض الفائدة وهامش الربح
تتوقع "إس آند بي" أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس بحلول نهاية 2025، بما يشمل الخفض البالغ 75 نقطة الذي نفذه البنك بالفعل، ومن المرجح أن تعكس البنوك المركزية في الخليج هذه التخفيضات بدرجات متفاوتة.
من شأن خفض أسعار الفائدة أن يضغط بشكل متواضع على ربحية البنوك الخليجية، بحسب وكالة التصنيف. مع افتراض خفض الفائدة من طرف الفيدرالي بمقدار 225 نقطة أساس سيؤثر ذلك على هامش ربحية البنوك الخليجية في المتوسط بما يتراوح بين 25 و50 نقطة أساس. لكن التأثيرات تتباين بين الأسواق، إذ سيبلغ التأثير 20 إلى 30 نقطة أساس في البحرين، و30 إلى 50 نقطة في الكويت، و10 إلى 20 نقطة في عُمان، و20 إلى 30 نقطة في السعودية و40 إلى 60 نقطة بالنسبة للإمارات.
تتماشى تلك التوقعات مع تقديرات وكالة "فيتش" بأن تتأثر أرباح أغلب بنوك دول منطقة الخليج سلباً بخفض أسعار الفائدة في الفترة بين الربع الأخير من العام الحالي وحتى 2026، إذ تجري عملية إعادة تسعير الأصول المدرة للفائدة (القروض) بوتيرة أسرع من الالتزامات المحملة بالفائدة (الودائع)، ويعني هذا أن دخل الفائدة الذي تحققه البنوك من القروض سيهبط أولاً قبل أن يتأثر العائد الذي تدفعه على الودائع بنفس الدرجة.
تأثير التوتر الجيوسياسي
في حال تصاعد الصراع الجيوسياسي في المنطقة، نبهت "إس آند بي" إلى أن جودة أصول 25 بنكاً من أصل 45 في المنطقة، قد تتدهور وتسجل خسارة إجمالية بقيمة 24.6 مليار دولار، في حال سيناريو الضغط الشديد.
يفترض ذلك السيناريو اشتعال الصراع بين إيران وحلفائها في المنطقة من ناحية، والولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة على الجانب الآخر، مما سيؤدي لزيادات ملموسة في أسعار الطاقة، ويعرض أحجام تصديرها لمخاطر، بسبب التهديد المستمر لطرق التجارة، والتأثيرات الدائمة على استقرار الاقتصاد الكلي في المنطقة، والضغوط المتزايدة على المقاييس المتعلقة بالمركز المالي والخارجي للدول.
تواجه البنوك الكبرى بمنطقة الخليج خطر خروج أموال قد تصل إلى 221 مليار دولار من قبل غير المقيمين إذا اتسعت رقعة الصراع في المنطقة حسبما توقعت "إس آند بي" الشهر الماضي.